للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحبه فى مسراه، صحبة بالألطاف والعناية والإسعاف والرعاية، ويشهد له قوله- صلى الله عليه وسلم-: «اللهم أنت الصاحب فى السفر» «١» .

وتأمل قوله تعالى: يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ «٢» ، وقوله أَسْرى بِعَبْدِهِ «٣» يلح لك خصوصية مصاحبة الرسول- صلى الله عليه وسلم- للحق دون عموم الخلق.

وقرن سبحانه وتعالى «التسبيح» بهذا المسرى، لينفى بذلك عن قلب صاحب الوهم ومن يحكم عليه خياله من أهل التشبيه والتجسيم ما يتخيله فى حق الحق تعالى من الجهة والحد والمكان، ولذا قال: لِنُرِيَهُ مِنْ آياتِنا «٤» يعنى ما رأى فى تلك الليلة من عجائب الآيات، كأنه تعالى يقول: ما أسريت به إلا لنريه الآيات، لا «إلى» فإنه لا يحدنى مكان، ونسبة الأمكنة إلى نسبة واحدة، فكيف أسرى به إلى، وأنا عنده، وأنا معه أينما كان. ولله در القائل:

سبحان من أسرى إليه بعبده ... ليرى الذى أخفاه من آياته

كحضوره فى غيبه وكسكره ... فى صحوه والمحو فى إثباته

ويرى الذى عنه تكون سره ... فى صنعه إن شاءه وهباته

ويريه ما أبدى له من جوده ... بوجوده والفقد من هيئاته

سبحانه من سيد ومهيمن ... فى ذاته وسماته وصفاته

وأكده تعالى بقوله: لَيْلًا «٥» مع أن الإسراء لا يكون فى اللسان العربى إلا ليلا، لا نهارا، ليرتفع الإشكال حتى لا يتخيل أنه أسرى بروحه فقط، ويزيل من خاطر من يعتقد أن الإسراء ربما يكون نهارا، فإن القرآن


(١) صحيح: وقد ورد ذلك فى حديث أخرجه مسلم (١٣٤٢) فى الحج، باب: ما يقول إذا ركب إلى سفر الحج وغيره.
(٢) سورة يونس: ٢٢.
(٣) سورة الإسراء: ١.
(٤) سورة الإسراء: ١.
(٥) سورة الإسراء: ١.