للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النهار على الليل بالشمس فقيل له: لا تفتخر، إن كانت شمس الدنيا تشرق فيك فسيعرج شمس الوجود فى الليل إلى السماء. وقيل: لأنه- صلى الله عليه وسلم- سراج، والسراج إنما يوقد بالليل، وأنشد:

قلت يا سيدى تؤثر اللي ... ل على بهجة النهار المنير

قال لا أستطيع تغيير رسمى ... هكذا الرسم فى طلوع البدور

إنما زرت فى الظلام لكيما ... يشرق الليل من أشعة نورى

فإن قلت: أيما أفضل، ليلة الإسراء أو ليلة القدر؟ فالجواب: - كما قاله الشيخ أبو أمامة بن النقاش- أن ليلة الإسراء أفضل فى حق النبى- صلى الله عليه وسلم-، وليلة القدر أفضل فى حق الأمة، لأنها لهم خير من عمل فى ثمانين سنة لمن قبلهم، وأما ليلة الإسراء فلم يأت فى أرجحية العمل فيها حديث صحيح ولا ضعيف. ولذلك لم يعينها النبى- صلى الله عليه وسلم- لأصحابه، ولا عينها أحد من الصحابة بإسناد صحيح، ولا صح إلى الآن ولا إلى أن تقوم الساعة فيها شىء، ومن قال فيها شيئا فإنما قاله من كيسه لمرجح ظهر له استأنس به، ولهذا تصادمت الأقوال فيها وتباينت، ولم يثبت الأمر فيها على شىء، ولو تعلق بها نفع للأمة- ولو بذرة- لبينه لهم نبيهم- صلى الله عليه وسلم-، انتهى.

فإن قلت: هل وقع الإسراء لغيره- صلى الله عليه وسلم- من الأنبياء؟ أجاب العارف عبد العزيز المهدوى: بأن مرتبة الإسراء بالجسم إلى تلك الحضرات العلية لم تكن لأحد من الأنبياء، إلا لنبينا- صلى الله عليه وسلم-. انتهى.

وإنما قال تعالى: أَسْرى بِعَبْدِهِ «١» إشارة إلى أنه تعالى هو المسافر به، ليعلم أن الإسراء من عنده عز وجل هبة إلهية، وعناية ربانية، سبقت له- صلى الله عليه وسلم- مما لم يخطر بسره، ولا اختلج فى ضميره.

وأدخل «باء» المصاحبة فى قوله تعالى: بِعَبْدِهِ «٢» ليفيد أنه تعالى


(١) سورة الإسراء: ١.
(٢) سورة الإسراء: ١.