للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقلن النساء لى وهن ورائى: يا بنت أبى ذؤيب أهذه أتانك التى كنت عليها وأنت جائية معنا تخفضك طورا وترفعك أخرى؟ فأقول: تالله إنها هى فيتعجبن منها ويقلن إن لها لشأنا عظيما. قالت: فكنت أسمع أتانى تنطق وتقول والله إن لى لشأنا ثم شأنا بعثنى الله بعد موتى ورد لى سمنى بعد هزالى، ويحكن يا نساء بنى سعد إنكن لفى غفلة وهل تدرين من على ظهرى، على ظهرى خيار النبيين وسيد المرسلين وخير الأولين والآخرين وحبيب رب العالمين.

قالت حليمة- فيما ذكره ابن إسحاق وغيره-: ثم قدمنا منازل بنى سعد، ولا أعلم أرضا من أرض الله أجدب- بالدال المهملة- منها، فكانت غنمى تروح على حين قدمنا به شباعا لبنا، فنحلب ونشرب، وما يحلب إنسان قطرة لبن ولا يجدها فى ضرع، حتى كان الحاضر من قومنا يقولون لرعاتهم: اسرحوا حيث يسرح راعى غنم بنت أبى ذؤيب، فتروح أغنامهم جياعا ما تبض بقطرة لبن، وتروح أغنامى شباعا لبنا «١» .

فلله درها من بركة كثرت بها مواشى حليمة ونمت وارتفع قدرها به وسمت ولم تزل حليمة تتعرف الخير والسعادة وتفوز منه بالحسنى وزيادة.

لقد بلغت بالها شمى حليمة ... مقاما علا فى ذروة العز والمجد

وزادت مواشيها وأخصب ربعها ... وقد عم هذا السعد كل بنى سعد

قال ابن الطراح رأيت فى كتاب الترقيص لأبى عبد الله محمد بن المعلى الأزدى أن من شعر حليمة ما كانت ترقص به النبى- صلى الله عليه وسلم-:

يا رب إذ أعطيته فأبقه ... وأعله إلى العلا وأرقه

وأدحض أباطيل العدا بحقه

وعند غيره كانت الشيماء أخته من الرضاعة تحضنه وترقصه وتقول:

هذا أخ لم تلده أمى ... وليس من نسل أبى وعمى

فديته من مخول معمى ... فأنمه اللهم فيما تنمى


(١) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (١/ ١٣٣- ١٣٤) .