الظهيرة إلى البهم، فخرجت حليمة تطلبه، حتى تجده مع أخته فقالت: فى هذا الحر؟ قالت أخته: يا أمه ما وجد أخى حرّا، رأيت غمامة تظل عليه، إذا وقف وقفت وإذا سار سارت حتى انتهى إلى هذا الموضع الحديث.
وكان- صلى الله عليه وسلم- يشب شبابا لا يشبه الغلمان.
قالت حليمة: فلما فصلته قدمنا به على أمه، ونحن أحرص شىء على مكثه فينا، لما نرى من بركته، فكلمنا أمه وقلنا: لو تركتيه عندنا حتى يغلظ، فإنا نخشى عليه وباء مكة، ولم نزل بها حتى ردته معنا فرجعنا به.
فو الله إنه لبعد مقدمنا بشهرين أو ثلاثة مع أخيه من الرضاعة، لفى بهم لنا خلف بيوتنا، جاء أخوه يشتد، فقال: ذاك أخى القرشى، قد جاء رجلان عليهما ثياب بيض، فأضجعاه وشقا بطنه، فخرجت أنا وأبوه نشتد نحوه، فنجده قائما منتقعا لونه، فاعتنقه أبوه وقال: أى بنى، ما شأنك، فقال:
جاءنى رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعانى فشقا بطنى، ثم استخرجا منه شيئا فطرحاه، ثم رداه كما كان. فرجعنا به معنا، فقال أبوه: يا حليمة لقد خشيت أن يكون ابنى قد أصيب، فانطلقى بنا نرده إلى أهله قبل أن يظهر به ما نتخوف، قالت حليمة فاحتملناه حتى قدمنا به مكة إلى أمه، فقالت: ما ردكما به فقد كنتما حريصين عليه؟ قلنا نخشى عليه الإتلاف والأحداث، فقالت: ما ذاك بكما، فأصدقانى شأنكما، فلم تدعنا حتى أخبرناها خبره، قالت: أخشيتما عليه الشيطان، كلا والله ما لشيطان عليه سبيل، وإنه لكائن لابنى هذا شأن عظيم فدعاه عنكما.
وفى حديث شداد بن أوس عن رجل من بنى عامر، عند أبى يعلى وأبى نعيم وابن عساكر: أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «كنت مسترضعا فى بنى سعد بن بكر، فبينا أنا ذات يوم فى بطن واد، مع أتراب لى من الصبيان، إذا أنا برهط ثلاثة معهم طست من ذهب، ملىء ثلجا، فأخذونى من بين أصحابى، وانطلق الصبيان هرابا مسرعين إلى الحى، فعمد أحدهم فأضجعنى على الأرض إضجاعا لطيفا، ثم شق ما بين مفرق صدرى إلى منتهى عانتى وأنا