للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنظر إليه، لم أجد لذلك مسّا، ثم أخرج أحشاء بطنى ثم غسلها بذلك الثلج، فأنعم غسلها، ثم أعادها مكانها، ثم قال الثانى فقال لصاحبه تنح، ثم أدخل يده فى جوفى فأخرج قلبى وأنا أنظر إليه فصدعه ثم أخرج منه مضغة سوداء فرمى بها ثم قال بيده يمنة ويسرة كأنه يتناول شيئا فإذا بخاتم فى يده من نور يحار الناظر دونه فختم به قلبى فامتلأ وذلك نور النبوة والحكمة ثم أعاده مكانه فوجدت برد ذلك الخاتم فى قلبى دهرا، ثم قال الثالث لصاحبه تنح، فأمرّ يده بين مفرق صدرى إلى منتهى عانتى فالتأم ذلك الشق بإذن الله تعالى، ثم أخذ بيدى فأنهضنى من مكانى إنهاضا لطيفا ثم قال للأول: زنه بعشرة من أمته فوزنونى بهم فرجحتهم ثم قال زنه بمائة من أمته فرجحتهم ثم قال زنه بألف فرجحتهم فقال: دعوه فلو وزنتموه بأمته كلها لرجحهم، ثم ضمونى إلى صدورهم وقبلوا رأسى وما بين عينى ثم قالوا: يا حبيب لم ترع إنك لو تدرى ما يراد بك من الخير لقرت عيناك» الحديث «١» .

وفى رواية ابن عباس، عند البيهقى، قالت حليمة: إذا أنا بابنى ضمرة يعدو فزعا، وجبينه يرشح باكيا ينادى: يا أبت، يا أماه، ألحقا محمدا فما تلحقاه إلا ميتا. أتاه رجل فاختطفه من أوساطنا، وعلا به ذروة الجبل، حتى شق صدره إلى عانته، وفيه: أنه- عليه السّلام- قال: «أتانى رهط ثلاثة، بيد أحدهم إبريق من فضة، وفى يد الثانى طست من زمردة خضراء» الحديث «٢» .

فإن قلت: هل غسل قلبه الشريف فى الطست خاص به، أو فعل بغيره من الأنبياء- عليهم السلام-؟

أجيب: بأنه ورد فى خبر التابوت والسكينة: أنه كان فيه الطست الذى غسلت فيه قلوب الأنبياء، ذكره الطبرى، وعزاه العماد ابن كثير فى تفسيره لرواية السدى عن أبى مالك عن ابن عباس.

فإن قلت: ما الحكمة فى ختم قلبه المقدس؟


(١) ذكره المتقى الهندى فى «كنز العمال» (٣٥٥٥٩) وعزاه لمن ذكرهم المصنف، إلا أنه زاد قائلا: ومكحول لم يدرك شداد.
(٢) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (١/ ١٤٠- ١٤١) ضمن حديث طويل.