للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا يطيقون ذلك، فإنى قد بلوت بنى إسرائيل وخبرتهم.

قال: فرجعت إلى ربى فقلت: يا رب، خفف عن أمتى، فحط عنى خمسا، فرجعت إلى موسى فقلت: حط عنى خمسا، فقال: إن أمتك لا يطيقون ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف. قال: فلم أزل أرجع بين ربى وبين موسى، حتى قال: يا محمد هن خمس صلوات فى اليوم والليلة، لكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة. ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا، فإن عملها كتبت سيئة واحدة. قال: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فقلت: لقد رجعت إلى ربى حتى استحييت منه) «١» .

وفى رواية النسائى عن أنس: فقال لى: إنى يوم خلقت السماوات والأرض فرضت عليك وعلى أمتك خمسين صلاة فقم بها أنت وأمتك، وذكر مراجعته مع موسى، وفيه: فإنه فرض على بنى إسرائيل صلاتان فما قاموا بهما. وقال فى آخره: فخمس بخمسين، فقم بها أنت وأمتك. قال:

فعرفت أنها عزمة من الله فرجعت إلى موسى فقال: ارجع، فلم أرجع.

فإن قلت: لم قال موسى- عليه السّلام- لنبينا- صلى الله عليه وسلم-: إن أمتك لا يطيقون ذلك، ولم يقل: أنت وأمتك لا تطيقون ذلك؟

أجيب: بأن العجز مقصور على الأمة لا يتعداهم إلى النبى- صلى الله عليه وسلم-، فهو لما رزقه الله تعالى من الكمال يطيق ذلك وأكثر منه، وكيف لا وقد جعلت قرة عينه فى الصلاة. قال العارف ابن أبى جمرة: والحكمة فى تخصيص فرض الصلاة بليلة الإسراء أنه- صلى الله عليه وسلم- لما عرج به ورأى فى تلك الليلة تعبد الملائكة، وأن منهم القائم فلا يقعد، والراكع فلا يسجد، والساجد فلا يقعد، فجمع الله تعالى له ولأمته تلك العبادات كلها فى ركعة يصليها العبد بشرائطها من الطمأنينة والإخلاص.


(١) هو ما قبله.