للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى) «١» . وحديث أبى هريرة عند الشيخين، (من قال: أنا خير من يونس بن متى فقد كذب) «٢» .

أجاب العلماء: بأن قوله عز وجل: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ «٣» يعنى: فى الإيمان بما أنزل إليهم والتصديق بهم، والإيمان بأنهم رسل الله وأنبياؤه، والتسوية بينهم فى هذا لا تمنع أن يكون بعضهم أفضل من بعض.

وأجابوا عن الأحاديث بأجوبة:

فقال بعضهم: أن نعتقد أن الله تعالى فضل بعضهم على بعض فى الجملة. ونكف عن الخوض فى تفصيل التفضيل بارائنا، قال ابن طغر بك:

فإن أراد هذا القائل أن نكف عن الخوض فى تفصيل التفضيل بارائنا فصحيح، وإن أراد أنا لا نذكر فى ذلك ما فهمناه من كتاب الله وروى لنا من حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فسقيم.

وقال آخر: تفضل من رفع درجته بخصائص الحظوة والزلفى، ولا نخوض فى تفضيل بعضهم على بعض فى سياسة المنذرين والصبر على الدين، والنهضة فى أداء الرسالة، والحرص على هدى الضلّال، فإن كلا منهم قد بذل فى ذلك وسعه الذى لا يكلفه الله تعالى أكثر منه.

وقال آخر- مما حكاه القاضى عياض-: إن نهيه- صلى الله عليه وسلم- عن التفضيل كان قبل أن يعلم أنه سيد ولد آدم، فنهى عن التفضيل إذ يحتاج إلى توقيف، وإن من فضل بلا علم فقد كذب. قال الحافظ عماد الدين بن كثير: وفى هذا نظر. انتهى. ولعل وجه النظر من جهة معرفة المتقدم تاريخا من ذلك. ثم رأيت فى تاريخ ابن كثير أن وجه النظر- من جهة- أن هذا من رواية أبى سعيد وأبى هريرة، وما هاجر أبو هريرة إلا عام خيبر متأخرا، فيبعد أنه لم


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٤١٦) فى أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ، ومسلم (٢٣٧٣) فى الفضائل، باب: من فضائل موسى- صلى الله عليه وسلم-.
(٢) صحيح: وقد تقدم حديث أبى هريرة قبل قليل.
(٣) سورة البقرة: ١٣٦.