للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقيد بالمكان يفهم منه القرب المكانى فعلى هذا يحمل جمعا بين القواعد، انتهى.

واختلف هل البشر أفضل من الملائكة؟ فقال جمهور أهل السنة والجماعة: خواص بنى آدم، وهم الأنبياء، أفضل من خواص الملائكة وهم جبريل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل وحملة العرش، والمقربون والكروبيون والروحانيون. وخواص الملائكة أفضل من عوام بنى آدم- قال التفتازانى:

بالإجماع بل بالضرورة- وعوام بنى آدم أفضل من عوام الملائكة. فالمسجود له أفضل من الساجد، فإذا ثبت تفضيل الخواص على الخواص ثبت تفضيل العوام على العوام، فعوام الملائكة خدم عمال الخير، والمخدوم له فضل على الخادم، ولأن المؤمنين ركب فيهم الهوى والعقل، مع تسليط الشيطان عليهم بوسوسته، والملائكة ركب فيهم العقل دون الهوى لا سبيل للشيطان عليهم.

فالإنسان- كما قاله فى شرح العقائد- يحصل الفضائل والكمالات العلمية والعملية مع وجود العوائق والموانع من الشهوة والغضب وسنوح الحاجات الضرورية الشاغلة عن اكتساب الكمالات، ولا شك أن العبادة والكمالات مع الشواغل والصوارف أشق وأدخل فى الإخلاص فتكون أفضل.

والمراد بعوام بنى آدم- هنا- الصلحاء لا الفسقة، كما نبه عليه العلامة كمال الدين بن أبى شريف المقدسى، قال: ونص البيهقى عليه فى الشعب وعبارته: قد تكلم الناس قديما وحديثا فى الملائكة والبشر، فذهب ذاهبون إلى أن الرسل من البشر أفضل من الرسل من الملائكة، وأن الأولياء من البشر أفضل من الأولياء من الملائكة. انتهى.

وذهب المعتزلة والفلاسفة وبعض الأشاعرة إلى تفضيل الملائكة. وهو اختيار القاضى أبى بكر الباقلانى، وأبى عبد الله الحليمى، وتمسكوا بوجوه:

الأول: أن الملائكة أرواح مجردة كاملة بالفعل مبرأة عن مبادئ الشرور والآفات كالشهوة والغضب، وعن ظلمات الهيولى والصورة، قوية على الأفعال العجيبة عالمة بالكوائن ماضيها وآتيها من غير غلط.