للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعلو إنما هو فى أمر التجرد وإظهار الآثار القوية لا فى مطلق الشرف والكمال، فلا دلالة على أفضلية الملائكة، انتهى.

ثم الملائكة بعضهم أفضل من بعض، وأفضلهم الروح الأمين جبريل، المزكى من رب العالمين، المقول فيه من ذى العزة إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ (١٩) ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (٢٠) مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ «١» فوصفه بسبع صفات، فهو أفضل الملائكة الثلاثة- الذين هم أفضل الملائكة على الإطلاق- وهم:

ميكائيل وإسرافيل وعزرائيل.

وكذلك الرسل أفضل من الأنبياء، وكذلك الرسل بعضهم أفضل من بعض، ومحمد- صلى الله عليه وسلم- أفضل الأنبياء والرسل، كما تقدم. وأول الأنبياء آدم وآخرهم نبينا محمد- صلى الله عليه وسلم-. فأما نبوة آدم فبالكتاب الدال على أنه قد أمر ونهى، مع القطع بأنه لم يكن فى زمنه نبى آخر، فهو بالوحى لا غير، وكذا السنة والإجماع، فإنكار نبوته على ما نقل عن البعض يكون كفرا.

وقد اختلف فى عدد الأنبياء والمرسلين، والمشهور فى ذلك ما فى حديث أبى ذر عند ابن مردويه فى تفسيره، قال: قلت يا رسول الله، كم الأنبياء؟ قال: «مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا» قلت: يا رسول الله، كم الرسل منهم؟ قال: «ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير» ، قلت: يا رسول الله، من كان أولهم؟ قال: «آدم» ثم قال: «يا أبا ذر، أربعة سريانيون: آدم وشيت ونوح وخنوخ» - وهو إدريس وهو أول من خط بالقلم-، «وأربعة من العرب: هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر، وأول نبى من بنى إسرائيل موسى وآخرهم عيسى، وأول النبيين آدم وآخرهم نبيك» «٢» ، وقد روى هذا الحديث بطوله الحافظ أبو حاتم بن حبان فى كتاب «الأنواع والتقاسيم» وقد وسمه بالصحيح.

وخالفه ابن الجوزى فذكره فى الموضوعات واتهم به إبراهيم بن هشام.

قال الحافظ ابن كثير: ولا شك أنه قد تكلم فيه غير واحد من أئمة الجرح


(١) سورة التكوير: ١٩- ٢١.
(٢) أخرجه أبو نعيم فى «الحلية» (١/ ١٦٧) .