للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقول عليه بعض الأقاويل، بل لابد أن يجعله عبرة لعباده، كما جرت بذلك سننه فى المتقولين عليه.

وقال تعالى: أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ «١» هاهنا انتهى جواب الشرط. ثم أخبر خبرا جازما غير معلق بأنه يمحو الباطل ويحق الحق. وقال تعالى: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ «٢» ، فأخبر أن من نفى عنه الإرسال والكلام لم يقدره حق قدره، ولا عرفه كما ينبغى ولا عظمه كما يستحق، فكيف من ظن أن الله ينصر الكاذب المفترى عليه، ويؤيده ويظهر على يديه الآيات والأدلة؟

وهذا فى القرآن كثير يستدل تعالى بكماله المقدس وأوصافه وجلاله على صدق رسوله، وعلى وعده ووعيده، ويدعو عباده إلى ذلك.

وقال تعالى لمن طلب آية تدل على صدق رسوله: أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥١) قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «٣» ، فأخبر سبحانه أن الكتاب الذى أنزله يكفى من كل آية، ففيه الحجة والدلالة على أنه من الله، وأن الله سبحانه أرسل به رسوله، وفيه بيان ما يوجب لمن اتبعه السعادة، وينجيه من العذاب.

ثم قال: قُلْ كَفى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «٤» فإذا كان سبحانه عالما بجميع الأشياء كانت شهادته أصدق شهادة وأعدلها، فإنها شهادة بعلم تام محيد بالمشهود به، وهو سبحانه وتعالى يذكر علمه عند شهادته وقدرته، وملكه عند مجازاته، وحكمته عند خلقه، وأمره ورحمته عند ذكر إرسال رسله، وحلمه عند ذنوب عباده. فتأمل ورود أسمائه الحسنى


(١) سورة الشورى: ٢٤.
(٢) سورة الأنعام: ٩١.
(٣) سورة العنكبوت: ٥١، ٥٢.
(٤) سورة العنكبوت: ٥٢.