للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى كتابه، وارتباطها بالخلق والأمر والثواب والعقاب. انتهى. وقال تعالى:

إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً «١» . أى شاهدا على الوحدانية، وشاهدا فى الدنيا بأحوال الآخرة من الجنة والنار والميزان والصراط، وشاهدا فى الآخرة بأحوال الدنيا، وبالطاعة والمعصية والصلاح والفساد، وشاهدا على الخلق يوم القيامة كما قال تعالى:

وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً «٢» . كأنه تعالى يقول: يا أيها المشرّف من قبلنا، إنا أرسلناك شاهدا بوحدانيتنا ومشاهدا كمال فردانيتنا، تبشر عبادنا عنا، وتحذرهم مخالفة أمرنا، وتعلمهم مواضع الخوف منا، وداعيا الخلق إلينا، وسراجا يستضيئون بك، وشمسا تبسط شعاعك على جميع من صدقك وآمن بك، ولا يصل إلينا إلا من اتبعك وخدمك وقدمك، فبشر بفضلنا وطولنا عليهم وإحساننا إليهم.

ولما كان الله تعالى قد جعله- صلى الله عليه وسلم- شاهدا على الوحدانية، والشاهد لا يكون مدعيا، فالله تعالى لم يجعل النبى فى مسألة الوحدانية مدعيا لها، لأن المدعى من يقول شيئا على خلاف الظاهر، والوحدانية أظهر من الشمس، والنبى- صلى الله عليه وسلم- كان ادعى النبوة، فجعل الله تعالى نفسه شاهدا له فى مجازاة كونه شاهدا له تعالى فقال سبحانه: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ «٣» ، ومن هذا قوله تعالى: وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «٤» فاستشهد على رسالته بشهادة الله له. وكذلك قوله تعالى: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ «٥» ، وقوله:

لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ


(١) سورة الأحزاب: ٤٥، ٤٦.
(٢) سورة البقرة: ١٤٣.
(٣) سورة المنافقون: ١.
(٤) سورة الرعد: ٤٣.
(٥) سورة الأنعام: ١٩.