للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شَهِيداً «١» وقوله: وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ «٢» وقوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ «٣» ، فهذا كله منه تعالى شهادة لرسوله قد أظهرها وبينها، وبين صحتها غاية البيان بحيث قطع العذر بينه وبين عباده، وأقام الحجة عليهم بكونه سبحانه شاهدا لرسوله.

وقال تعالى: هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً «٤» . فيظهر ظهورين: ظهورا بالحجة والبيان، وظهورا بالنصر والغلبة والتأييد حتى يظهر على مخالفيه ويكون منصورا.

ومن شهادته تعالى أيضا ما أودعه فى قلوب عباده من التصديق الجازم، واليقين الثابت والطمأنينة بكلامه ووحيه، فإن الله تعالى فطر القلوب على قلوب الحق والانقياد له، والطمأنينة والسكون إليه ومحبته، وفطرها على بغض الكذب والباطل والنفور عنه وعدم السكون إليه، ولو بقيت الفطرة على حالها لما آثرت على الحق سواه، ولما سكنت إلا إليه، ولا اطمأنت إلا به، ولا أحبت غيره. ولهذا ندب الحق سبحانه إلى تدبر القرآن، فإن كل من تدبره أوجب له علما ضروريّا ويقينا جازما أنه حق، بل أحق كل حق، وأصدق كل صدق قال تعالى: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها «٥» ، فلو رفعت الأقفال عن القلوب لباشرتها حقائق القرآن، واستنارت فيها مصابيح الإيمان، وعلمت علما ضروريّا كسائر الأمور الوجدانية باللذة والألم أنه من عند الله، تكلم به حقّا، وبلغه رسوله جبريل إلى رسوله محمد- صلى الله عليه وسلم-. فهذا الشاهد فى القلب من أعظم الشواهد. انتهى ملخصا من مدارج السالكين.


(١) سورة النساء: ١٦٦.
(٢) سورة المنافقون: ١.
(٣) سورة الفتح: ٢٩.
(٤) سورة محمد: ٢٤.
(٥) سورة الأعراف: ١٥٨.