للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «١» . ففى هذه الآية دلالة على أنه- صلى الله عليه وسلم- مبعوث إلى كافة الثقلين. وقالت العيسوية من اليهود- وهم أتباع عيسى الأصبهانى-. إن محمدا صادق مبعوث إلى العرب، غير مبعوث إلى بنى إسرائيل.

ودليلنا على إبطال قولهم هذه الآية، لأن قوله: يا أَيُّهَا النَّاسُ خطاب يتناول كل الناس، ثم قال: إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «٢» وهذا يقتضى كونه مبعوثا إلى جميع الناس. وأيضا: فلأنا نعلم بالتواتر أنه كان يدعى أنه مبعوث إلى الثقلين. فإما أن تقول: كان رسولا حقّا، أو ما كان كذلك، فإن كان رسولا حقّا امتنع الكذب عليه، ووجب الجزم بكونه صادقا فى كل ما يدعيه، فلما ثبت بالتواتر وبظاهر هذه الآية أنه كان يدعى كونه مبعوثا إلى جميع الثقلين، وجب كونه صادقا، وذلك يبطل قول من يقول:

إنه كان مبعوثا إلى العرب فقط، لا إلى بنى إسرائيل. وإذا ثبت هذا فنقول:

قوله تعالى: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً «٣» من الناس من يقول إنه عام دخله التخصيص، ومنهم من أنكر ذلك. أما الأولون فقالوا:

دخله التخصيص من وجهين:

الأول: أنه رسول إلى الناس إذا كانوا من جملة المكلفين، فأما إذا لم يكونوا من جملة المكلفين لم يكن رسولا إليهم، وذلك لأنه- صلى الله عليه وسلم- قال:

«رفع القلم عن ثلاث: عن الصبى حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المجنون حتى يفيق» «٤» رواه ابن جرير عن ابن عباس.


(١) سورة الأعراف: ١٥٨.
(٢) سورة الأعراف: ١٥٨.
(٣) سورة الأعراف: ١٥٨.
(٤) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٣٩٩- ٤٤٠٣) فى الحدود، باب: فى المجنون يسرق أو يصيب حدّا، والترمذى (١٤٢٣) فى الحدود، باب: ما جاء فيمن لا يجب عليه الحد، وابن ماجه (٢٠٤٢) فى الطلاق، باب: طلاق المعتوه والصغيرة والنائم، من حديث على- رضى الله عنه-، وفى الباب عن عائشة- رضى الله عنها-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (٣٥١٢ و ٣٥١٣ و ٣٥١٤) .