العاص، فقلت: أخبرنى عن صفة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال:(أجل، والله إنه لموصوف فى التوراة ببعض صفته فى القرآن: يا أيها النبى إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا، وحرزا للأميين. أنت عبدى ورسولى، سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب فى الأسواق، ولا يجزى بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح، ولن يقبضه الله حتى يقيم به الملة العوجاء، بأن يقولوا: لا إله إلا الله، ويفتح به أعينا عميا وآذانا صمّا وقلوبا غلفا)«١» .
وعند ابن إسحاق: ولا صخب فى الأسواق، ولا متزين بالفحش، ولا قوال للخنا، أسدده بكل جميل، وأهب له كل خلق كريم، ثم أجعل السكينة لباسه، والبر شعاره، والتقوى ضميره، والحكمة معقوله، والصدق والوفاء طبيعته، والعفو والمعروف خلقه، والعدل سيرته، والحق شريعته، والهدى إمامه، والإسلام ملته، وأحمد اسمه، أهدى به بعد الضلالة، وأعلم به بعد الجهالة، وأرفع به الخمالة، وأسمى به بعد النكرة، وأكثر به بعد القلة، وأغنى به بعد العيلة، وأجمع به بعد الفرقة، وأؤلف به بين قلوب مختلفة، وأهواء متشتة، وأمم متفرقة، وأجعل أمته خير أمة أخرجت للناس.
وأخرج البيهقى عن ابن عباس قال: قدم الجارود فأسلم فقال: والذى بعثك بالحق لقد وجدت وصفك فى الإنجيل، ولقد بشر بك ابن البتول.
وأخرج ابن سعد قال: لما أمر إبراهيم بإخراج هاجر حمل على البراق، فكان لا يمر بأرض عذبة سهلة إلا قال: انزل ها هنا يا جبريل، فيقول: لا، حتى أتى مكة فقال جبريل: انزل يا إبراهيم، قال: حيث لا ضرع ولا زرع؟
قال: نعم، هاهنا يخرج النبى الذى من ذرية ابنك الذى تتم به الكلمة العليا. وفى التوراة- مما اختاره بعد الحذف والتبديل والتحريف، مما ذكره ابن ظفر فى «البشر» وابن قتيبة فى «أعلام النبوة» -: تجلى الله من سينا، وأشرق من ساعير، واستعلن من جبال فاران. و «سينا» هو الجبل الذى كلم الله فيه موسى. و «ساعير» هو الجبل الذى كلم الله فيه عيسى، وظهرت فيه نبوته.