وجبال «فاران» هو اسم عبرانى- وليست ألفه الأولى همزة- هى جبال بنى هاشم التى كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يتحنث فى أحدها وفيه فاتحة الوحى، وهو أحد ثلاثة جبال، أحدها: أبو قبيس، والمقابل له قعيقعان إلى بطن الوادى، والثالث: الشرقى فاران، ومنفتحه الذى يلى قعيقعان إلى بطن الوادى، وهو شعب بن هاشم، وفيه مولده- صلى الله عليه وسلم- على أحد الأقوال.
قال ابن قتيبة: وليس بهذا غموض، لأن تجلى الله من سينا، إنزاله التوراة على موسى- عليه السّلام- بطور سيناء، ويجب أن يكون إشراقه من «ساعير» إنزاله على عيسى الإنجيل، وكان المسيح يسكن من ساعير أرض الخليل، بقرية تدعى ناصرة، وباسمها سمى من اتبعه نصارى، فكما وجب أن يكون إشراقه من ساعير إنزاله على المسيح الإنجيل فكذلك يجب أن يكون استعلانه من جبال فاران بإنزاله القرآن على محمد- صلى الله عليه وسلم-، وهى جبال مكة، وليس بين المسلمين وأهل الكتاب فى ذلك اختلاف فى أن فاران هى مكة.
وإن ادعى أنها غير مكة قلنا: أليس فى التوراة: إن الله أسكن هاجر وإسماعيل فاران؟ وقلنا: دلونا على الموضع الذى استعلن الله منه واسمه فاران، والنبى الذى أنزل عليه كتابا بعد المسيح، أو ليس «استعلن» و «علن» بمعنى واحد، وهو ما ظهر وانكشف. فهل تعلمون دينا ظهر ظهور الإسلام، وفشا فى مشارق الأرض ومغاربها فشوه.
وفى التوراة أيضا- مما ذكره ابن ظفر- خطابا لموسى، والمراد به الذين اختارهم لميقات ربه الذين أخذتهم الرجفة خصوصا، ثم بنى إسرائيل عموما:
والله ربك يقيم نبيّا من إخوتك، فاستمع له كالذى سمعت ربك فى حوريت يوم الاجتماع حين قلت لا أعود أسمع صوت الله ربى لئلا أموت، فقال الله لى: نعم ما قالوا، وسأقيم لهم نبيّا مثلك من إخوتهم، وأجعل كلامى فى فمه فيقول لهم كل شىء أمرته به، وأيما رجل لم يطع من تكلم باسمى فإنى أنتقم منه. قال: وفى هذا الكلام أدلة على نبوة محمد- صلى الله عليه وسلم-.
فقوله:«نبيّا من إخوتهم» وموسى وقومه من بنى إسحاق، وإخوتهم بنو إسماعيل، ولو كان هذا النبى الموعود به من بنى إسحاق، لكان من