للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن الضحاك: يكاد محمد يتكلم بالحكمة قبل الوحى. قال عبد الله ابن رواحة:

لو لم تكن فيه آيات مبينة ... كانت بديهته تنبيك بالخبر

لكن التفسير الأول فى هذه الآية هو المختار، لأنه تعالى ذكر قبل هذه الآية وَلَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ آياتٍ مُبَيِّناتٍ «١» فإذا كان المراد بقوله (مثل نوره) أى مثل هداه كان ذلك مطابقا لما قبله.

واختلفوا فى هذا التشبيه. أو هو مشبه جملة بجملة، لا يقصد فيها إلى تشبيه جزء بجزء، ومقابلة شىء بشىء، أو مما قصد منه ذلك؟ أى: مثل نور الله، الذى هو هداه وإتقانه صنعة كل مخلوق، وبراهينه الساطعة، على الجملة كهذه الجملة من النور الذى تتخذونه أنتم على هذه الصفة التى هى أبلغ صفات النور الذى بين يدى الناس، أى: مثل نور الله فى الوضوح كهذا الذى هو منتهاكم أيها البشر.

وقيل: هو من التشبيه المفصل، المقابل جزء بجزء، قد رده على تلك الأقوال الثلاثة.

أى: مثل نوره فى محمد- صلى الله عليه وسلم-، أو فى المؤمنين، أو فى القرآن والإيمان كمشكاة، فالمشكاة هو الرسول أو صدره، والمصباح هو النبوة وما يتصل بها من علمه وهداه، والزجاجة قلبه، والشجرة المباركة الوحى، والملائكة رسل الله إليه، وشبه الفضل به بالزيت وهو الحجج والبراهين، والآيات التى تضمنها الوحى.

وعلى قول: «المؤمنين» ، فالمشكاة صدره، والمصباح الإيمان والعلم، والزجاجة قلبه، والشجرة القرآن، وزيتها هو الحجج والحكمة التى تضمنتها.


(١) سورة النور: ٣٤.