للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن النبى- صلى الله عليه وسلم- لما قدم مكة أتى رسم قبر، فجلس إليه فجعل يخاطب ثم قام مستعبرا فقلنا يا رسول الله إنا رأينا ما صنعت، قال: «إنى استأذنت ربى فى زيارة قبر أمى فأذن لى، واستأذننه فى الاستغفار لها فلم يأذن لى» . فما رؤى باكيا أكثر من يومئذ «١» .

* وروى ابن أبى حاتم فى تفسيره عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أومأ إلى المقابر فاتبعناه، فجاء حتى جلس إلى قبر منها فناجاه طويلا، ثم بكى فبكينا لبكائه، ثم قام فقام إليه عمر بن الخطاب- رضى الله عنه-، فدعاه ثم دعانا، فقال: ما أبكاكم؟ قلنا: بكينا لبكائك، فقال: إن القبر الذى جلست عنده قبر آمنة، وإنى استأذنت ربى فى زيارتها فأذن لى، وإنى استأذنته فى الدعاء لها فلم يأذن لى، وأنزل الله على: ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى «٢» فأخذنى ما يأخذ الولد للوالد «٣» . ورواه الطبرانى من حديث ابن عباس.

* وفى مسلم: «استأذنت ربى أن أستغفر لأمى فلم يأذن لى، واستأذنته فى أن أزور قبرها فأذن لى فزوروا القبور، فإنها تذكر الآخرة» «٤» .

قال القاضى عياض: بكاؤه- عليه السّلام- على ما فاتها من إدراك أيامه والإيمان به.

* وفى مسلم أيضا: «أن رجلا قال: يا رسول الله: أين أبى، قال:

«فى النار» فلما قفا دعاه، قال: «إن أبى وأباك فى النار» «٥» .

قال النووى: فيه أن من مات على الكفر فهو فى النار، ولا ينفعه قرابة المقربين.


(١) أخرجه ابن جرير فى «تفسيره» (١١/ ٤٢) .
(٢) سورة التوبة: ١١٣.
(٣) ذكره ابن كثير فى «تفسيره» (٢/ ٣٩٤) ، وعزاه لابن أبى حاتم.
(٤) صحيح: أخرجه مسلم (٩٧٦) فى الجنائز، باب: استئذان النبى- صلى الله عليه وسلم- ربه عز وجل فى زيارة قبر أمه، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٥) صحيح: أخرجه مسلم (٢٠٣) فى الإيمان، باب: بيان أن من مات على الكفر فهو فى النار، من حديث أنس- رضى الله عنه-.