للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم- حضر وليمة فيها دف ومزامير قبل البعثة فضرب الله على أذنه فما أيقظه إلا حر الشمس من الغد. وقيل: ثقل شغل سرك وحيرتك وطلب شريعتك، حتى شرعنا لك ذلك. وقيل معناه: خففنا عليك ما حملت بحفظنا لما استحفظت وحفظ عليك، ومعنى (أنقض) أى كاد ينقضه. قال القاضى: فيكون المعنى على من جعل ذلك لما قبل النبوة: اهتمام النبى- صلى الله عليه وسلم- بأمور فعلها قبل نبوته وحرمت عليه بعد النبوة فعدها أوزارا وثقلت عليه وأشفق منها. وقيل: إنها ذنوب أمته صارت كالوزر عليه، فأمنه الله تعالى من عذابهم فى العاجل بقوله: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ «١» ووعده الشفاعة فى الآجل.

وأما قوله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ «٢» . فقال ابن عباس: أى أنك مغفور لك غير مؤاخذ بذنب أن لو كان. وقال بعضهم:

أراد غفران ما وقع وما لم يقع، أى أنك مغفور لك. وقيل: المراد ما كان عن سهو وغفلة وتأويل، حكاه الطبرى واختاره القشيرى. وقيل: ما تقدم لأبيك آدم وما تأخر من ذنوب أمتك، حكاه السمرقندى والسلمى عن ابن عطاء.

وقيل: المراد أمته وقيل المراد بالذنب ترك الأولى، كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين، وترك الأولى ليس بذنب، لأن الأولى وما يقابله مشتركان فى إباحة الفعل.

وقال السبكى: قد تأملتها- يعنى الآية- مع ما قبلها وما بعدها فوجدتها لا تحتمل إلا وجها واحدا، وهو تشريف النبى- صلى الله عليه وسلم- من غير أن يكون هناك ذنب، ولكنه أريد أن يستوعب فى الآية جميع أنواع النعم- من الله على عباده- الآخروية، وجميع النعم الآخروية شيئان: سلبية وهى غفران الذنوب، وثبوتية وهى لا تتناهى، أشار إليها بقوله وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ «٣» ، وجميع


(١) سورة الأنفال: ٣٣.
(٢) سورة الفتح: ٢.
(٣) سورة الفتح: ٢.