للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا انقسم أهل الفترة إلى الثلاثة أقسام، فيحمل من صح تعذيبه على أهل القسم الثانى لكفرهم بما تعدوا به من الخبائث، والله سبحانه وتعالى قد سمى جميع هذا القسم كفارا ومشركين، فإنا نجد القرآن كلما حكى حال أحد سجل عليهم بالكفر والشرك، كقوله تعالى: ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ ثم قال: وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا الآية «١» .

والقسم الثالث هم أهل الفترة حقيقة، وهم غير معذبين.

وأما أهل القسم الأول: كقس وزيد بن عمرو، فقد قال- عليه السّلام- فى كل منهما «أنه يبعث أمة وحده» «٢» .

وأما عثمان بن الحويرث، وتبّع وقومه وأهل نجران، فحكمهم حكم أهل الدين الذين دخلوا فيه، ما لم يلحق أحد منهم الإسلام الناسخ لكل دين. انتهى ملخصا وسيأتى ما قيل فى ورقة فى حديث المبعث- إن شاء الله تعالى-.

فهذا ما تيسر فى مسألة والديه- صلى الله عليه وسلم-، وقد كان الأولى ترك ذلك، وإنما جرّنا إليه ما وقع من المباحثة فيه بين علماء العصر.

ولقد أحسن الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقى حيث قال:

حبا الله النبى مزيد فضل ... على فضل وكان به رؤوفا

فأحيا أمه وكذا أباه ... لإيمان به فضلا لطيفا

فسلم فالقديم «٣» بذا قدير ... وإن كان الحديث به ضعيفا «٤»


(١) سورة المائدة: ١٠٣.
(٢) قلت: ورد فى زيد بن عمرو أحاديث منها ما أخرجه النسائى فى «الكبرى» (٨١٨٧) ، والطبرانى فى «الكبير» (٢٤/ ٨٢) ، من حديث أسماء بنت أبى بكر- رضى الله عنهما.
(٣) من الأخطاء الشائعة إطلاق اسم القديم على الله عز وجل، والأولى إطلاق اسم (الأول) كما ورد فى الكتاب والسنة، والله عز وجل أعلم بنفسه من غيره، فهو الذى سمى نفسه الأول وأوحى إلى رسوله بذلك، ولكن من الذى سماه بالقديم؟! وأيهما أولى بالاعتبار.
(٤) قلت: لو ثبت ذلك لكان على العين والرأس، ولكن الأحاديث بذلك ضعيفة، كما صرح هو بنفسه، فما بالك والأحاديث الصحيحة بخلاف ذلك، ولكن على العموم أدبا مع الرسول- صلى الله عليه وسلم- لا نذكر حكمهما إلا عند الضرورة، من باب بيان الحق لا غير، لا شماتة والعياذ بالله.