يكره أن يفرد الصلاة ولا يسلم أصلا، أما لو صلى فى وقت، وسلم فى وقت آخر فإنه يكون ممتثلا.
وقال أبو محمد الجوينى من أصحابنا: السلام بمعنى الصلاة، فلا يستعمل فى الغائب ولا يفرد به غير الأنبياء، فلا يقال: على عليه السلام، سواء فى هذا الأحياء والأموات، وأما الحاضر فيخاطب به فيقال: سلام عليك، أو عليكم، أو السلام عليك أو عليكم، وهذا مجمع عليه انتهى.
وقد جرت عادة بعض النساخ أن يفردوا عليّا وفاطمة- رضى الله عنهما- بالسلام، فيقولو: عليه أو عليها السلام من دون سائر الصحابة فى ذلك، وهذا وإن كان معناه صحيحا لكن ينبغى أن يساوى بين الصحابة- رضى الله عنهم- فى ذلك، فإن هذا من باب التعظيم والتكريم، والشيخان وعثمان أولى بذلك منهما، أشار إليه ابن كثير.
وأما الصلاة على غير النبى- صلى الله عليه وسلم- فاختلف فيها. وأخرج البيهقى بسند واه من حديث بريدة رفعه:«لا تتركن فى التشهد الصلاة على وعلى أنبياء الله» . وأخرج إسماعيل القاضى بسند ضعيف من حديث أبى هريرة:«صلوا على أنبياء الله» . وأخرج الطبرانى من حديث ابن عباس رفعه:«إذا صليتم على فصلوا على أنبياء الله، فإن الله بعثهم كما بعثنى»«١» .
وثبت عن ابن عباس اختصاص ذلك بالنبى- صلى الله عليه وسلم-. أخرجه ابن أبى شيبة من طريق عثمان عن عكرمة عنه قال:«ما أعلم الصلاة تنبغى على أحد من أحد إلا على النبى- صلى الله عليه وسلم-» . وسنده صحيح. وحكى القول به عن مالك، وجاء نحوه عن عمر بن عبد العزيز. وقال سفيان: يكره أن يصلى إلا على نبى. وعن بعض شيوخ مذهب مالك: لا يجوز أن يصلى إلا على محمد. قالوا: وهذا غير معروف عن مالك، وإنما قال: أكره الصلاة على غير الأنبياء وما ينبغى لنا أن نتعدى ما أمرنا به. وخالفه يحيى بن يحيى
(١) حسن: أخرجه ابن أبى عمر، والبيهقى فى الشعب عن أبى هريرة، والخطيب عن أنس، كما فى «صحيح الجامع» (٣٧٨٢) .