للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال: لا بأس به، واحتج بأن الصلاة دعاء بالرحمة، فلا تمنع إلا بنص أو إجماع.

وأما الصلاة على غير الأنبياء، فإن كان على سبيل التبعية كما تقدم فى الحديث: اللهم صل على محمد وآل محمد ونحوه، فهو جائز بالإجماع.

وإنما وقع النزاع فيما إذا أفرد غير الأنبياء بالصلاة عليهم.

فقال قائلون بجواز ذلك، واحتجوا بقوله تعالى: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ «١» وبقوله: أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ «٢» ، وبقوله تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ «٣» ، وبحديث عبد الله بن أبى أوفى قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا أتاه قوم بصدقتهم قال: «اللهم صل عليهم» ، فأتاه أبى بصدقته فقال: «اللهم صل على آل أبى أوفى» «٤» أخرجه الشيخان.

وقال الجمهور من العلماء: لا يجوز إفراد غير الأنبياء بالصلاة، لأن هذا قد صار شعارا للأنبياء إذا ذكروا، فلا يلحق بهم غيرهم، فلا يقال أبو بكر صلى الله عليه وسلم. أو: قال على صلى الله عليه وسلم، وإن كان المعنى صحيحا، كما لا يقال: قال محمد عز وجل، وإن كان عزيزا جليلا، لأن هذا من شعار ذكر الله عز وجل. وحملوا ما ورد فى ذلك من الكتاب والسنة على الدعاء لهم، ولهذا لم يثبت شعارا لآل أبى أوفى. وهذا مسلك حسن.

وقال آخرون: لا يجوز ذلك، لأن الصلاة على غير الأنبياء قد صارت من شعار أهل الأهواء، يصلون على من يعتقدون فيهم، فلا يقتدى بهم فى ذلك. ثم اختلف المانعون من ذلك: هل هو من باب التحريم، أو كراهة


(١) سورة الأحزاب: ٤٣.
(٢) سورة البقرة: ١٥٧.
(٣) سورة التوبة: ١٠٣.
(٤) صحيح: أخرجه البخارى (١٤٩٨) فى الزكاة، باب: صلاة الإمام ودعائه لصاحب الصدقة، ومسلم (١٠٧٨) فى الزكاة، باب: الدعاء لمن أتى بصدقته.