للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال الطيبى: معنى الحديث: أنت متصل بى نازل منى منزلة هارون من موسى. وفيه تشبيه مبهم بينه بقوله: (إلا أنه لا نبى بعدى) «١» فعرف أن الاتصال بينهما ليس من جهة النبوة، بل من جهة ما دونها وهو الخلافة، ولما كان هارون المشبه به، إنما كان خليفة فى حياة موسى، دل ذلك على تخصيص خلافة على النبى- صلى الله عليه وسلم- بحياته والله أعلم. وأما ما استدل به من هذا الحديث على استحقاق على للخلافة دون غيره من الصحابة، فإن هارون كان خليفة موسى، فأجيب: بأن هارون لم يكن خليفة موسى إلا فى حياته لا بعد موته، لأنه مات قبل موسى باتفاق. أشار إلى ذلك الخطابى.

وأما حديث الترمذى والنسائى «من كنت مولاه فعلى مولاه» «٢» فقال الشافعى: يعنى بذلك ولاء الإسلام، كقوله تعالى: ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى لَهُمْ «٣» وقول عمر: أصبحت مولى كل مؤمن، أى ولى كل مؤمن. وطرق هذا الحديث كثيرة جدّا، استوعبها ابن عقدة فى كتاب مفرد، وكثير من أسانيدها صحاح وحسان.

وروى أنه- صلى الله عليه وسلم- قال: «من آذى عليّا فقد آذانى» «٤» خرجه أحمد.

وأخرج المخلص الذهبى: «من أحب عليّا فقد أحبنى» . وقد ذكر النقاش: أن قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا «٥» نزلت فى على: وقال محمد ابن الحنفية: لا تجد مؤمنا إلا وهو يحب عليّا وأهل بيته. وقال أبو حيان فى «البحر» : ومن الغريب ما أنشدنا الإمام اللغوى رضى الدين أبو عبد الله بن يوسف الأنصارى الشاطبى لزبينا بن إسحاق النصرانى الرسعنى:


(١) صحيح: وقد تقدم، وهى رواية مسلم السابقة.
(٢) صحيح: أخرجه الترمذى (٣٧١٣) فى المناقب، باب: مناقب على بن أبى طالب- رضى الله عنه-، من حديث أبى سريحة، أو زيد بن أرقم- رضى الله عنهما-، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح الجامع» (٦٥٢٣) .
(٣) سورة محمد: ١١.
(٤) أخرجه أحمد فى «المسند» (٣/ ٤٨٣) ، والحاكم فى «المستدرك» (٣/ ١٣٣) .
(٥) سورة مريم: ٩٦.