مع النبى- صلى الله عليه وسلم- سنة فصاعدا، أو غزا معه غزوة فصاعدا. والعمل على خلاف هذا القول. ومنهم من اشترط فى ذلك أن يكون حين اجتماعه به بالغا، وهو مردود أيضا، لأنه يخرج مثل الحسن بن على ونحوه من أحداث الصحابة.
وأما التقييد بالرؤية فالمراد به عند عدم المانع منها، فإن كان كابن أم مكتوم الأعمى فهو صحابى جزما، فالأحسن أن يعبر ب «اللقاء» بدل الرؤية ليدخل فيه ابن أم مكتوم ونحوه.
قال الحافظ زين الدين العراقى: قولهم فمن رأى النبى- صلى الله عليه وسلم- هل المراد رآه فى حال نبوته، أو أعم من ذلك، حتى يدخل من رآه قبل النبوة ومات قبل النبوة على دين الحنيفية كزيد بن عمرو بن نفيل، فقد قال النبى- صلى الله عليه وسلم-:
«أنه يبعث أمة وحده»«١» ، وقد ذكره فى الصحابة أبو عبد الله بن منده، وكذلك لو رآه قبل النبوة ثم غاب عنه وعاش إلى بعد زمن البعثة، وأسلم ثم مات ولم يره، ولم أر من تعرض لذلك، ويدل على أن المراد: رآه بعد نبوته، أنهم ترجموا فى الصحابة لمن ولد للنبى- صلى الله عليه وسلم- كإبراهيم وعبد الله، ولم يترجموا لمن ولد قبل النبوة ومات قبلها كالقاسم، انتهى.
وهل يختص جميع ذلك ببنى آدم، أم يعم غيرهم من العقلاء؟ محل نظر. أما الجن، فالراجح دخولهم لأن النبى- صلى الله عليه وسلم- بعث إليهم قطعا، وهم مكلفون، فيهم العصاة والطائعون، فمن عرف اسمه منهم لا ينبغى التردد فى ذكره فى الصحابة، وإن كان ابن الأثير عاب على أبى موسى فلم يستند فى ذلك إلى حجة، وأما الملائكة فيتوقف عدهم فى ذلك على ثبوت البعثة إليهم، فإن فيه خلافا بين الأصوليين، حتى نقل بعضهم الإجماع على ثبوته، وعكس بعضهم.
وهذا كله فيمن رآه فى قيد الحياة الدنيوية، أما من رآه بعد موته وقبل
(١) ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٧/ ٢) عن جابر وقال: رواه أبو يعلى وفيه مجالد، وهذا مما مدح من حديث مجالد، وبقية رجاله رجال الصحيح.