للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفى حديث أبى موسى عند البخارى مرفوعا: «أطعموا الجائع، وعودوا المريض، وفكوا العانى» «١» . وعنده من رواية البراء: أمرنا- صلى الله عليه وسلم- بسبع، وذكر منها عيادة المريض «٢» وعند مسلم: خمس تجب للمسلم على المسلم، فذكرها منها «٣» . قال ابن بطال: يحتمل أن يكون الأمر على الوجوب، يعنى الكفاية، كإطعام الجائع وفك الأسير، ويحتمل أن يكون للندب على التواصل والألفة. وعند الطبرى: يتأكد فى حق من ترجى بركته، ويسن فيمن يراعى حاله، ويباح فيما عدا ذلك. وهو فرض كفاية عند أبى حنيفة، كما قاله أبو الليث السمرقندى «٤» فى «مقدمته» .

واستدل بعموم قوله: «عودوا المريض» على مشروعية العيادة فى كل مرض، واستثنى بعضهم: الأرمد، وردّ: بأنه قد جاء فى عيادة الأرمد بخصوصها حديث زيد بن الأرقم، قال: عادنى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من وجع كان بعينى «٥» ، رواه أبو داود وصححه الحاكم. وأما ما أخرجه البيهقى والطبرانى مرفوعا: «ثلاثة ليس لهم عيادة، الرمد والدمل والضرس» «٦» ،


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٣٠٤٦) فى الجهاد والسير، باب: فكاك الأسير، وأبو داود (٣١٠٥) فى الجنائز، باب: الدعاء للمريض بالشفاء عند العيادة، وأحمد فى «المسند» (٤/ ٣٩٤ و ٤٠٦) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٣٣٢٤) .
(٢) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (١٢٣٩) فى الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز، ومسلم (٢٠٦٦) فى اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء.
(٣) صحيح: والحديث أخرجه البخارى (١٢٤٠) فى الجنائز، باب: الأمر باتباع الجنائز، ومسلم (٢١٦٢) فى السلام، باب: حق المسلم للمسلم والسلام، من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(٤) هو: الإمام الفقيه المحدث الزاهد، أبو الليث، نصر بن محمد بن إبراهيم السمرقندى الحنفى، صاحب كتاب «تنبيه الغافلين» وغير ذلك، توفى سنة ٣٧٥ هـ.
(٥) حسن: أخرجه أبو داود (٣١٠٢) فى الجنائز، باب: فى العيادة فى الرمد، والحاكم فى «المستدرك» (١/ ٤٩٢) ، والبيهقى فى «السنن الكبرى» (٣/ ٣٨١) ، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن أبى داود» .
(٦) ضعيف: ذكره الهيثمى فى «المجمع» (٢/ ٣٠٠) عن أبى هريرة وقال: رواه الطبرانى فى «الأوسط» وفيه سلمة بن على الحبشى، وهو ضعيف.