للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ففى حديث أبى سعيد الخدرى، قال- صلى الله عليه وسلم-: «إذا دخلتم على المريض فنفسوا له فى أجله، فإن ذلك يطبب نفسه» «١» ، مثل أن يقول له: لا بأس عليك، طهور إن شاء الله، ووجهك الآن أحسن، وما أشبه ذلك. وقد يكون من هذا أن يذكر له الأجور الداخلة عليه فى مرضه، وأن المرض كفارة، فربما أصلح ذلك قلبه، وأمن من خوف ذلك ونحوه. وقال بعضهم: فى هذا الحديث نوع شريف جدّا من أنواع العلاج، وهو الإرشاد إلى ما يطيب نفس العليل من الكلام الذى تقوى به الطبيعة، وتنتعش به القوة، وينبعث به الحار الغريزى، ويساعد على دفع العلة أو تخفيفها الذى هو غاية تأثير الطبيب.

وفى تفريج نفس المريض، وتطييب قلبه، وإدخال السرور عليه تأثير عجيب فى شفاء علته وخفتها، فإن الأرواح والقوى تقوى بذلك، فتساعد الطبيعة على دفع المؤذى. وقد شاهد الناس كثيرا من المرضى تنتعش قواهم بعيادة من يحبونه ويعظمونه، ورؤيتهم له، ولطفهم بهم، ومكالمتهم إياهم.

قال فى الهدى «٢» : وكان- صلى الله عليه وسلم- يسأل المريض عن شكواه، وكيف يجد، وعما يشتهيه، فإن اشتهى شيئا وعلم أنه لا يضره أمر له به، ويضع يده على جبهته، وربما وضعها بين ثدييه، ويدعو له، ويصف له ما ينفعه فى علته، وربما توضأ وصب على المريض من وضوئه، كما فى حديث جابر المتقدم، وربما كان يقول للمريض: لا بأس عليك، طهور إن شاء الله «٣» ، وربما كان يقول: كفارة وطهور «٤» . وقالت عائشة: كان- صلى الله عليه وسلم- إذا عاد


(١) إسناده ضعيف: أخرجه الترمذى (٢٠٨٧) فى الطب، باب: رقم (٣٤) ، وابن ماجه (١٤٣٨) فى الجنائز، باب: ما جاء فى عيادة المريض، والحديث ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف الجامع» (٤٨٨) .
(٢) يقصد كتاب (زاد المعاد فى هدى خير العباد) للعلامة ابن القيم، فانظره بتحقيقنا، فهو كتاب قيم فى بابه، جامع لأبوابه.
(٣) صحيح: وقد ورد ذلك فى حديث صحيح أخرجه البخارى (٥٦٥٦) فى المرضى، باب: عيادة الأعراب، من حديث ابن عباس- رضى الله عنها-.
(٤) شاذ: وقد ورد ذلك فى حديث رواه أحمد بسند رجاله ثقات من حديث أنس- رضى الله عنه-، قال الهيثمى فى «المجمع» (٢/ ٢٩٩) اهـ. قلت: وسياقه هو سياق البخارى السابق إلا فى مقولة رسول الله- صلى الله عليه وسلم- التى بها أعللت رواية أنس عند أحمد- رحمه الله-.