للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرحمة، فإذا جلس عنده استنقع فيها «١» . زاد الطبرانى: وإذا قام من عنده فلا يزال يخوض فيها حتى يرجع من حيث خرج.

ولم يكن- صلى الله عليه وسلم- يخص يوما من الأيام بعيادة المريض، ولا وقتا من الأوقات، فترك العيادة يوم السبت المخالفة للسنة، ابتدعه يهودى طبيب لملك قد مرض وألزمه بملازمته، فأراد يوم الجمعة أن يمضى لسبته فمنعه، فخاف على استحلال سبته، ومن سفك دمه، فقال: إن المريض لا يدخل عليه يوم السبت، فتركه الملك، ثم أشيع ذلك، وصار كثير من الناس يعتمده، ومن الغريب ما نقله ابن الصلاح عن الفراوى: أن العيادة تستحب فى الشتاء ليلا.

وفى الصيف نهارا، ولعل الحكمة فى ذلك أن المريض يتضرر بطول الليل فى الشتاء، وبطول النهار فى الصيف، فتحصل له بالعيادة استراحة.

وينبغى اجتناب التطبب بأعداء الدين، من يهودى أو نحوه، فإنه مقطوع بغشه سيما إن كان المريض كبيرا فى دينه أو علمه، خصوصا إن كان هذا العدو يهوديّا، لأن قاعدة دينهم: أن من نصح منهم مسلما فقد خرج عن دينه، وأن من استحل السبت فهو مهدر الدم عندهم، حلال لهم سفك دمه، ولا ريب أن من خاطر بنفسه يخشى عليه أن يدخل فى عموم النهى فيمن قتل نفسه بشئ. وقد كثر الضرر فى هذا الزمن بأهل الذمة، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم، والله تعالى يرحم القائل:

لعن النصارى واليهود فإنهم ... بلغوا بمكرهم بنا الآمالا

خرجوا أطباء وحسابا لكى ... يتقسموا الأرواح والأموالا»

ومما كان يفعله- صلى الله عليه وسلم- ويأمر به تطييب نفوس المرضى وتقوية قلوبهم،


(١) صحيح: أخرجه أحمد فى «المسند» (٣/ ٤٦٠) ، وهو عنده أيضا (٣/ ٣٠٤) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٢٩٥٦) من حديث جابر- رضى الله عنه- بنحوه وقال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح على شرط مسلم.
(٢) قلت: رحم الله المسلمين الآن، فأين هم من هذه النصائح، وللأسف نجد من بيننا الآن من يدافع عنهم وعن عقائدهم الباطلة ويقربهم إلينا، ويقولون: إن العلم ليس له دين ولا وطن، وقد كذبوا فى قولهم، ولو فاقوا إلى أنفسهم لعرفوا الحق الذى لا مرية فيه.