للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيَّامٍ أُخَرَ «١» وذلك أن السفر مظنة النصب، وهو من مغيرات الصحة، فإذا وقع فيه الصيام ازداد فأبيح الفطر، وكذلك القول فى المرض.

والثانى: وهو الحمية، من قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ «٢» فإنه استنبط منه جواز التيمم عند خوف استعمال الماء البارد «٣» ، وقال تعالى فى آية الوضوء: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً

«٤» فأباح للمريض العدول عن الماء إلى التراب حمية له أن يصيب جسده ما يؤذيه، وهو تنبيه على الحمية عن كل مؤذ له من داخل أو خارج.

والثالث: من قوله تعالى: أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ «٥» فإنه أشير بذلك إلى جواز حلق الرأس الذى منع منه المحرم، لاستفراغ الأذى الحاصل من البخار المحتقن فى الرأس تحت الشعر، لأنه إذا حلق رأسه تفتحت المسام فخرجت تلك الأبخرة منها. فهذا الاستفراغ يقاس عليه كل استفراغ يؤذى انحباسه. فقد أرشد تعالى عباده إلى أصول الطب الثلاثة ومجامع قواعده.

وفى الصحيحين من حديث عطاء عن أبى هريرة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «ما أنزل الله داء إلا وأنزل له شفاء» «٦» . وأخرجه النسائى وابن حبان وصححه الحاكم عن ابن مسعود بلفظ «إن الله لم ينزل داء إلا وأنزل له شفاء


(١) سورة البقرة: ١٨٤.
(٢) سورة النساء: ٢٩.
(٣) كما ورد فى قصة عمرو بن العاص حينما أصبح جنبا وهو فى إحدى الغزوات فخشى من الغسل بالماء البارد فتيمم وصلى بأصحابه، والقصة أخرجها أبو داود (٣٣٤ و ٣٣٥) فى الطهارة، باب: إذا خاف الجنب البرد أيتيمم، وابن حبان فى «صحيحه» (١٣١٥) ، وانظر «الإرواء» (١٥٤) .
(٤) سورة النساء: ٤٣.
(٥) سورة البقرة: ١٩٦.
(٦) صحيح: أخرجه البخارى (٥٦٧٨) فى الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، وابن ماجه (٣٤٣٩) فى الطب، باب: ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، والحديث ليس فى مسلم كما قال المصنف- رحمه الله-.