للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توسله بأسماء الرب تعالى التى سمى بها نفسه، ما علم العباد منها، وما لم يعلموا، ومنها ما استأثر به فى علم الغيب عنده، فلم يطلع عليه ملكا مقربا ولا نبيّا مرسلا، وهذه الوسيلة أعظم الوسائل وأحبها إلى الله، وأقربها تحصيلا للمطلوب، ثم سؤاله أن يجعل القرآن لقلبه ربيعا، أى كالربيع الذى يرتع فيه الحيوان، وأن يجعله لصدره كالنور الذى هو مادة الحياة، وبه يتم معاش العباد وأن يجعله شفاء همه وغمه فيكون بمنزلة الدواء الذى يستأصل الداء، ويعيد البدن إلى صحته واعتداله، وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذى يجلو الطبوع «١» والأصدية، فإذا صدق العليل فى استعما لهذا الدواء أعقبه شفاء تامّا.

وفى سنن أبى داود، عن أبى سعيد الخدرى قال: دخل رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات يوم المسجد، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له أبو أمامة، فقال: «يا أبا أمامة ما لى أراك فى المسجد فى غير وقت الصلاة» فقال: هموم لزمتنى وديون يا رسول الله، فقال: «ألا أعلمك كلاما إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك، وقضى دينك» قال: قلت: بلى يا رسول الله، قال: «قل إذا أصبحت وإذا أمسيت، اللهم إنى أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال» قال: ففعلت ذلك فأذهب الله همى، وقضى دينى «٢» .

وقد تضمن هذا الحديث الاستعاذة من ثمانية أشياء، كل اثنين منها قرينان مزدوجان: فالهم والحزن أخوان، والجبن والبخل أخوان، والعجز والكسل أخوان وضلع الدين وغلبة الرجال أخوان، فحصلت الاستعاذة من كل شر.


(١) الطبوع: جمع طبع، وهى السجية التى جبل عليها الإنسان، كما تأتى بمعنى الدنس والصدأ، ولعلها المقصودة هنا.
(٢) ضعيف: أخرجه أبو داود (١٥٥٥) فى الصلاة، باب: فى الاستعاذة وفى إسناده غسان بن عوف، هو البصرى، قال عنه الحافظ فى «التقريب» : لين الحديث، ولذا ضعفه الشيخ الألبانى فى «ضعيف سنن أبى داود» .