للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو الاكتساب، وإنما هى موهبة من الله، وخصوصية يخص بها من يشاء من عباده، والله أعلم حيث يجعل رسالته.

ولم تكن الرجفة المذكورة خوفا من جبريل- عليه السّلام-، فإنه- صلى الله عليه وسلم- أجل من ذلك، وأثبت جنانا، وإنما رجف غبطة بحاله وإقباله على الله عز وجل، فخشى أن يشغل بغير الله عن الله.

وقيل: خاف من ثقل أعباء النبوة.

وفى رواية البيهقى فى الدلائل: أن خديجة قالت لأبى بكر: يا عتيق اذهب به إلى ورقة بن نوفل، فأخذه أبو بكر، فقص عليه ما رأى، فقال صلى الله عليه وسلم-: «إذا خلوت وحدى سمعت نداء: يا محمد، يا محمد، فأنطلق هاربا» .. فقال: لا تفعل إذا قال، فاثبت حتى تسمع، ثم ائتنى فأخبرنى، فلما خلا ناداه يا محمد فثبت فقال: قل بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. إلى آخرها. ثم قال: قل لا إله إلا الله «١» . الحديث.

واحتج به من قال بأولية نزول الفاتحة.

والصحيح أن أول ما نزل عليه- صلى الله عليه وسلم- من القرآن «اقرأ» كما صح ذلك عن عائشة، وروى ذلك عن أبى موسى الأشعرى وعبيد بن عمير.

قال النووى: وهو الصواب الذى عليه الجماهير من السلف والخلف.

وأما ما روى عن جابر وغيره: أن أول ما نزل يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ «٢» .

فقال النووى: ضعيف، بل باطل، وإنما نزلت بعد فترة الوحى.

وأما حديث البيهقى أنه الفاتحة- كقول بعض المفسرين- فقال البيهقى:

هذا منقطع، فإن كان محفوظا فيحتمل أن يكون خبرا عن نزولها بعد ما نزلت عليه اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ «٣» ويا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ «٤» .

وقال النووى- بعد ذكر هذا القول- بطلانه أظهر من أن يذكر. انتهى.


(١) أخرجه البيهقى فى «دلائل النبوة» (٢/ ١٥٨) .
(٢) سورة المدثر: ١.
(٣) سورة العلق: ١.
(٤) سورة المدثر: ١.