للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روى أن جبريل- عليه السّلام- أول ما نزل بالقرآن على النبى- صلى الله عليه وسلم- أمره بالاستعاذه، كما رواه الإمام أبو جعفر بن جرير عن ابن عباس قال:

«أول ما نزل جبريل على محمد- صلى الله عليه وسلم- قال: يا محمد، استعذ، قال:

أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، ثم قال: قل بسم الله الرحمن الرحيم، ثم قال: اقرأ باسم ربك الذى خلق. قال عبد الله: وهى أول سورة أنزلها الله على محمد- صلى الله عليه وسلم-» «١» .

قال الحافظ عماد الدين بن كثير، بعد أن ذكره: وهذا الأثر غريب، وإنما ذكرناه ليعرف، فإن فى إسناده ضعفا وانقطاعا، والله أعلم «٢» .

وقد أورد ابن أبى جمرة سؤالا، وهو أنه: لم اختص- صلى الله عليه وسلم- بغار حراء، فكان يخلو فيه ويتحنث دون غيره من المواضع.

وأجاب: بأن هذا الغار له فضل زائد على غيره: من جهة أنه منزو ومجموع لتحنثه وهو يبصر بيت ربه، والنظر إلى البيت عبادة، فكان له فيه اجتماع ثلاث عبادات: الخلوة والتحنث والنظر إلى البيت. وغيره ليس فيه هذه الثلاث.

ولله در المرجانى حيث قال فى فضائل حراء وما اختص به:

تأمل حراء فى جمال محياه ... فكم من أناس من حلا حسنه تاهوا

فمما حوى من جا لعلياه زائرا ... يفرج عنه الهم فى حال مرقاه

به خلوة الهادى الشفيع محمد ... وفيه له غار له كان يرقاه

وقبلته للقدس كانت بغاره ... وفيه أتاه الوحى فى حال مبداه

وفيه تجلى الروح بالموقف الذى ... به الله فى وقت البداءة سواه

وتحت تخوم الأرض فى السبع أصله ... ومن بعد هذا اهتز بالسفل أعلاه

ولما تجلى الله قدس ذكره ... لطور تشظى فهو إحدى شظاياه

ومنها ثبير ثم ثور بمكة ... كذا قد أتى فى نقل تاريخ مبداه

وفى طيبة أيضا ثلاث فعدها ... فعيرا وورقانا وأحدا رويناه


(١) أخرجه ابن جرير فى «تفسيره» (١/ ٥١) .
(٢) قاله ابن كثير فى «تفسيره» (١/ ٥١) .