للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما صلى به جبريل فكان ذلك أول فرضها ركعتين ثم إن الله أقرها فى السفر كذلك وأتمها فى الحضر «١» .

وقال مقاتل: كانت الصلاة أول فرضها ركعتين بالغداة وركعتين بالعشى، لقوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ «٢» .

قال فى فتح البارى: كان- صلى الله عليه وسلم- قبل الإسراء يصلى قطعا، وكذلك أصحابه، ولكن اختلف: هل افترض قبل الخمس شىء من الصلاة أم لا؟

فقيل: إن الفرض كان صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، والحجة فيه قوله تعالى: وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها «٣» .

انتهى «٤» .

قال النووى: أول ما وجب الإنذار والدعاء إلى التوحيد، ثم فرض الله من قيام الليل ما ذكره فى أول سورة المزمل، ثم نسخه بما فى آخرها، ثم نسخه بإيجاب الصلوات الخمس ليلة الإسراء بمكة، وأما ما ذكره فى هذه الرواية من أن جبريل علمه الوضوء وأمره به فيدل على أن فرضية الوضوء كانت قبل الإسراء.

ثم فتر الوحى فترة شق عليه وأحزنه.

وفترة الوحى: عبارة عن تأخره مدة من الزمان، وكان ذلك ليذهب عنه ما كان يجده- عليه السّلام- من الروع، وليحصل له التشوق إلى العود.

وكانت مدة فترة الوحى ثلاث سنين، كما جزم به ابن إسحاق.

وفى تاريخ الإمام أحمد، ويعقوب بن سفيان عن الشعبى: أنزلت عليه النبوة وهو ابن أربعين سنة، فقرن بنبوته إسرافيل ثلاث سنين، فكان يعلمه الكلمة والشىء ولم ينزل عليه القرآن على لسانه، فلما مضت ثلاث سنين قرن بنبوته جبريل، فنزل عليه القرآن على لسانه عشرين سنة، وكذا رواه ابن سعد والبيهقى.


(١) طرفه الأخير صحيح أخرجه مسلم (٩٨٥) فى صلاة المسافرين، باب: رقم (١) .
(٢) سورة غافر: ٥٥.
(٣) سورة طه: ١٣٠.
(٤) قاله الحافظ فى «الفتح» (٨/ ٦٧١) .