للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقد تبين أن نبوته- صلى الله عليه وسلم- كانت متقدمة على إرساله، كما قال أبو عمر وغيره، وكما حكاه أبو أمامة بن النقاش. فكان فى نزول سورة «اقرأ» نبوته، وفى نزول سورة المدثر إرساله بالنذارة والبشارة والتشريع، وهذا قطعا متأخر عن الأول، لأنه لما كانت سورة «اقرأ» متضمنة لذكر أطوار الآدمى: من الخلق والتعليم والإفهام، ناسب أن تكون أول سورة أنزلت، وهذا هو الترتيب الطبيعى، وهو أن يذكر سبحانه وتعالى ما أسداه إلى نبيه- عليه السّلام- من العلم والفهم والحكمة والنبوة، ويمن عليه بذلك فى معرض تعريف عباده بما أسداه إليهم من نعمة البيان الفهمى والنطقى والخطى، ثم يأمره سبحانه وتعالى بأن يقوم فينذر عباده.

وكان أول من آمن بالله وصدق صديقة النساء خديجة، فقامت بأعباء الصديقية.

قال لها- صلى الله عليه وسلم-: خشيت على نفسى، فقالت: أبشر فو الله لا يخزيك الله أبدا، ثم استدلت بما فيه من الصفات والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبدا.

وكان أول ذكر آمن من بعدها صديق الأمة، وأسبقها إلى الإسلام أبو بكر، فازره فى الله. وعن ابن عباس أنه أول الناس إسلاما، واستشهد له بقول حسان بن ثابت:

إذا تذكرت شجوى من أخى ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا

خير البرية أتقاها وأعدلها ... بعد النبى وأوفاها بما حملا

والثانى التالى المحمود مشهده ... وأول الناس قدما صدق الرسلا

رواه أبو عمر.

وممن وافق ابن عباس وحسانا على أن الصديق أول الناس إسلاما، أسماء بنت أبى بكر، والنخعى وابن الماجشون ومحمد بن المنكدر والأخنس.

وقيل: إن على بن أبى طالب أسلم بعد خديجة، وكان فى حجر النبى