للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن حذيقة قال: قام فينا رسول الله قائما، فما ترك شيئا يكون فى مقامه ذلك إلى قيام الساعة إلا حدّث به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، قد علمه أصحابه هؤلاء، وإنه ليكون منه الشئ قد نسيته فأراه فأعرفه «١» فأذكره كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه «٢» ثم قال حذيفة: ما أدرى أنسى أصحابى أم تناسوه، والله ما ترك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- من قائد فتنة إلى أن تنقضى الدنيا يبلغ من معه ثلاثمائة فصاعدا إلا وقد سماه لنا باسمه واسم أبيه وقبيلته رواه أبو داود.

وروى مسلم من حديث ابن مسعود فى الدجال: فيبعثن عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «إنى لأعرف أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم، وهم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ» «٣» . فوضح من هذا الخبر وغيره مما يأتى من الأخبار، وسنح من خواطر الأبرار الأخيار أنه- صلى الله عليه وسلم- عرفهم بما يقع فى حياته وبعد موته، وما قد انحتم وقوعه فلا سبيل إلى فوته. وقال أبو ذر: لقد تركنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وما يحرك طائر جناحه فى السماء إلا ذكرنا منه علما. ولا شك أن الله تعالى قد أطلعه على أزيد من ذلك، وألقى عليه علم الأولين والآخرين. وأما علم عوارف المعارف الإلهية فتلك لا يتناهى عددها، وإليه- صلى الله عليه وسلم- ينتهى مددها.

ومن ذلك: ما رواه الشيخان عن أبى هريرة أن النبى- صلى الله عليه وسلم- نعى النجاشى للناس فى اليوم الذى مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى وصف بهم وصلى عليه وكبر أربع تكبيرات» «٤» . وفى حديث أنس عند أحمد والبخارى:


(١) ليست هذه العبارة فى سنن أبى داود.
(٢) صحيح: أخرجه أبو داود (٤٢٤٠) فى الفتن والملاحم، باب: ذكر الفتن ودلائلها، وهو عند البخارى (٦٦٠٤) فى القدر، باب: وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَراً مَقْدُوراً، ومسلم (٢٨٩١) فى الفتن وأشراط الساعة، باب: إخبار النبى- صلى الله عليه وسلم- فيما يكون إلى قيام الساعة، بلفظ قريب منه.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٢٨٩٩) فى الفتن وأشراط الساعة، باب: إقبال الروم فى كثرة القتل عند خروج الدجال.
(٤) صحيح: أخرجه البخارى (١٢٤٥) فى الجنائز، باب: الرجل ينعى إلى أهل الميت بنفسه، ومسلم (٩٥١) فى الجنائز، باب: فى التكبير على الجنازة.