للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كليهما ظهورهما وبطونهما، ووضأ رجليه ثلاثا ثلاثا» .

وقد أجاب العلماء عن أحاديث المسح مرة واحدة بأن ذلك لبيان الجواز، ويؤيده رواية مرتين هذه. وقال ابن السمعانى- كما حكاه فى فتح البارى- اختلاف الرواية يحمل على التعدد، فيكون مسح تارة مرة، وتارة ثلاثا، فليس في رواية مسح مرة حجة على منع التعدد، ويحتج للتعدد بالقياس على المغسول، لأن الوضوء طهارة حكمية، ولا فرق فى الطهارة الحكمية بين الغسل والمسح.

قال «٢» : ومن أقوى الأدلة على عدم التعدد، الحديث المشهور الذى صححه ابن خزيمة وغيره من طريق عبد الله بن عمرو بن العاصى فى صفة الوضوء بعد أن فرغ: «من زاد على هذا فقد أساء وظلم» «٣» فإن فى رواية سعيد بن منصور التصريح بأنه مسح رأسه مرة واحدة، فدل على أن الزيادة فى مسح الرأس على المرة غير مستحبة، ويحمل ما ورد من الأحاديث فى تثليث المسح، إن صحت- على إرادة الاستيعاب بالمسح، لا أنها مسحات مستقلة لجميع الرأس، جمعا بين الأدلة. انتهى.

وفى حديث عبد الله بن زيد- عند البخارى- الذى ذكرته قبل: ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر. وفى رواية: بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما فى المكان الذى بدأ منه. وزاد ابن الطباع بعد قوله:

«ثم مسح رأسه» كله، كما هو فى رواية ابن خزيمة. وفى رواية غيره- كما


(١) أخرجه أبو داود (١٢٦- ١٣١) فى الطهارة، باب: صفة وضوء النبى- صلى الله عليه وسلم-، والترمذى (٣٣) فى الطهارة، باب: ما جاء أنه يبدأ بمؤخر الرأس، وابن ماجه (٣٩٠) فى الطهارة، باب: الرجل يستعين على وضوئه فيصب عليه، و (٤٣٨) باب: ما جاء فى مسح الرأس، وأحمد فى «المسند» (٦/ ٣٧٩) بسند فيه عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه مقال مشهور، ولا سيما إذا عنعن.
(٢) القائل هنا: هو الحافظ ابن حجر صاحب فتح البارى.
(٣) تقدم: وفيه ضعف بهذه الزيادة.