للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قدمته-: «برأسه» بزيادة الباء، موافقة لقوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ «١» .

قال البيضاوى: «الباء» أى فى الآية مزيدة، وقيل: للتبعيض، فإنه الفارق بين قولك، مسحت المنديل وبالمنديل، ووجه أن يقال: إنها تدل على تضمين الفعل معنى الإلصاق، فلكأنه قيل: وألصقوا المسح برؤوسكم، وذلك لا يقتضى الاستيعاب، بخلاف ما لو قيل: وامسحوا رؤوسكم فإنه كقوله:

فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ، انتهى.

وقال الشافعى: احتمل قوله تعالى: وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ «٢» جميع الرأس أو بعضه، فدلت السنة على أن بعضه يجزئ، والفرق بينه وبين قوله تعالى: فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ «٣» فى التيمم، أن المسح فيه بدل عن الغسل، ومسح الرأس أصل فافترقا. ولا يرد كون مسح الخف بدلا عن غسل الرجل، لأن الرخصة فيه ثبتت بالإجماع.

وقد روى من حديث عطاء أنه- صلى الله عليه وسلم- توضأ، فحسر العمامة عن رأسه ومسح مقدم رأسه، وهو مرسل، لكنه اعتضد بمجيئه من وجه آخر موصولا أخرجه أبو داود من حديث أنس «٤» ، وفى إسناده أبو معقل، لا يعرف حاله، لكن اعتضد كل من المرسل والموصول بالآخر وحصلت القوة من الصورة المجموعة وهذا مثال لما ذكره الشافعى من أن المرسل يعضد بمرسل آخر أو مسند.

وفى الباب أيضا عن عثمان فى صفة الوضوء قال: ومسح مقدم رأسه،


(١) سورة المائدة: ٦.
(٢) سورة المائدة: ٦.
(٣) سورة المائدة: ٦.
(٤) حديث أنس أخرجه أبو داود (١٤٧) فى الطهارة، باب: المسح على العمامة وابن ماجه (٥٦٤) فى الطهارة، باب: ما جاء فى المسح على العمامة، والحديث فى إسناده أبو معقل الراوى عن أنس مجهول، والراوى عنه عبد العزيز بن مسلم مقبول الحديث، قاله الحافظ فى «التقريب» (٤١٢٣) .