للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانوا يبالغون فى إذائه- صلى الله عليه وسلم- والاستهزاء به. فقال جبريل لرسول الله صلى الله عليه وسلم-: أمرت أن أكفيكهم. فأومأ إلى ساق الوليد، فمر بنبال فتعلق بثوبه سهم فلم ينعطف تعظيما لأخذه، فأصاب عرقا فى عقبه فمات، وأومأ إلى أخمص العاصى فدخلت فيها شوكة فانتفخت رجله حتى صارت كالرحى فمات، وأشار إلى أنف الحارث فامتخط قيحا فمات، وإلى الأسود بن عبد يغوث وهو قاعد فى أصل شجرة فجعل ينطح برأسه الشجرة ويضرب وجهه بالشوك حتى مات، وإلى عينى الأسود بن عبد المطلب فعمى.

وكان- صلى الله عليه وسلم- يطوف على الناس فى منازلهم يقول: «يا أيها الناس، إن الله يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا» ، وأبو لهب وراءه يقول: يا أيها الناس: إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم «١» .

ورماه الوليد بن المغيرة بالسحر، وتبعه قومه على ذلك.

وآذته قريش ورموه بالشعر والكهانة والجنون.

ومنهم من كان يحثو التراب على رأسه، ويجعل الدم على بابه.

ووطىء عقبه بن أبى معيط على رقبته الشريفة وهو ساجد عند الكعبة حتى كادت عيناه تبرزان. وخنقوه خنقا شديدا، فقام أبو بكر دونه، فجذبوا رأسه ولحيته- صلى الله عليه وسلم- حتى سقط أكثر شعره، فقام أبو بكر دونه وهو يقول:

أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله.

وقال ابن عمرو- كما فى البخارى-: بينا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبى معيط فأخذ بمنكب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فلف ثوبه فى عنقه فخنقه خنقا شديدا، فجاء أبو بكر فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. وفى رواية ثم قال: أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ «٢» «٣» .


(١) أخرجه أحمد فى «مسنده» (٣/ ٤٩٢، ٤/ ٣٤١) ، والحاكم فى «المستدرك» (١/ ٦١) ، والطبرانى فى «الأوسط» (١٥١٠) ، وفى «الكبير» (٥/ ٦١ و ٦٢) ، من حديث عباد الديلى رضى الله عنه-.
(٢) سورة غافر: ٢٨.
(٣) صحيح: أخرجه البخارى (٣٨٥٦) فى المناقب، باب: ما لقى النبى- صلى الله عليه وسلم- وأصحابه من المشركين بمكة.