للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحيحه، وكذا صححه الدار قطنى والحازمى وقال: إنه لا علة له، لأن الظاهر- كما أشار إليه أبو شامة- أن قتادة لما سأل أنسا عن الاستفتاح فى الصلاة بأى سورة وأجابه ب «الحمد لله» ، سأله عن كيفية قراءته فيها، وكأنه لم ير إبهام السائل مانعا من تعيينه بقتادة خصوصا وهو السائل أولا.

وقد أخرج ابن خزيمة فى صحيحه، وصححه الدار قطنى أن أبا مسلمة سعيد بن يزيد سأل أنسا: أكان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يستفتح ب الْحَمْدُ لِلَّهِ أو ب بِسْمِ اللَّهِ؟ فقال: لا أحفظ فيه شيئا. قال: وهذا مما يتأيد به خطأ النافى «١» .

ولكن قد روى هذا الحديث عن أنس جماعة منهم حميد وقتادة، والتحقيق أن المعل رواية حميد خاصة، إذ رفعها وهم من الوليد بن مسلم عن مالك عنه، بل ومن بعضه أصحاب حميد عنه، فإنها فى سائر الموطات عن مالك: صليت وراء أبى بكر وعمر وعثمان فكلهم كان لا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم، لا ذكر للنبى- صلى الله عليه وسلم- فيه، وكذا الذى عند سائر حفاظ أصحاب حميد عنه، إنما هو فى الوقف خاصة. وبه صرح ابن معين عن ابن أبى عدى حيث قال: إن حميدا كان إذا رواه عن أنس لم يرفعه، وإذا قال فيه: عن قتادة عن أنس رفعه.

وأما رواية قتادة، وهى من رواية الوليد بن مسلم وغيره عن الأوزاعى:

أن قتادة كتب إليه ليخبره أن أنسا حدثه قال: صليت ... فذكره بلفظ: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم لا فى أول قراءة ولا فى آخرها، فلم يتفق أصحابه عنه على هذا اللفظ، بل أكثرهم لا ذكر عندهم للنفى فيه، وجماعة منهم بلفظ: فلم يكونوا يجهرون ب بسم الله الرحمن الرحيم.

وممن اختلف عليه فيه من أصحابه شعبة، فجماعة منهم «غندر» لا ذكر عندهم فيه للنفى، وأبو داود الطيالسى فقط حسبما وقع من طريق غير واحد عنه بلفظ: فلم يكونوا يفتتحون القراءة ب «بسم الله» وهى موافقة للأوزاعى.


(١) تقدم الرد على هذا الحديث فى الهامش قبل السابق.