للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحافظ ابن كثير: وهذا يقتضى- فيما يظهر من بادىء الرأى- أن هذه الآية مدنية، وأنها إنما نزلت حين سألت اليهود عن ذلك بالمدينة، مع أن السورة [الإسراء] كلها مكية.

وقد يجاب عن هذا: بأنه قد تكون نزلت عليه مرة ثانية بالمدينة، كما نزلت عليه بمكة قبل ذلك. ومما يدل على نزولها بمكة ما رواه الإمام أحمد من حديث ابن عباس قال: قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل، فقالوا: سلوه عن الروح، فسألوه فنزلت الحديث «١» . انتهى.

وهذا الحديث رواه الترمذى أيضا بإسناد رجاله رجال مسلم.

فيحمل على تعدد النزول كما أشار إليه ابن كثير، ويحمل سكوته فى المرة الثانية على توقع مزيد بيان فى ذلك.

وقد اختلف فى المراد بالروح المسئول عنه فى هذا الخبر:

فقيل: روح الإنسان.

وقيل: جبريل.

وقيل: عيسى.

وقيل: ملك يقوم وحده صفّا يوم القيامة.

وقيل: غير ذلك.

وقال القرطبى: الراجح أنهم سألوه عن روح الإنسان لأن اليهود لا تعترف بأن عيسى روح الله، ولا تجهل أن جبريل ملك، وأن الملائكة أرواح.

وقال الإمام فخر الدين: المختار أنهم سألوه عن الروح الذى هو سبب الحياة، وأن الجواب وقع على أحسن الوجوه وبيانه: أن السؤال عن الروح يحتمل عن ماهيته، وهل هى متحيزة أم لا؟ وهل هى حالة فى متحيز أم لا؟


(١) صحيح: أخرجه الترمذى (٣١٤٠) فى التفسير، باب: ومن سورة بنى إسرائيل (الإسراء) ، وأحمد فى «مسنده» (١/ ٢٥٥) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٩٩) ، والحاكم فى «المستدرك» (٢/ ٥٧٩) ، والحديث صححه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن الترمذى» .