للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على كتابا، وأمرنى أن أكون لكم بشيرا ونذيرا، فبلغتكم رسالة ربى، ونصحت لكم، فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم من الدنيا والآخرة، وإن تردوه على أصبر لأمر الله، حتى يحكم الله بينى وبينكم» «١» .

والرئى- بفتح الراء، وقد تكسر، ثم همزة، فياء مشددة- جنى يرى فيحب، أو المكسورة للمحبوب منها، قاله فى القاموس.

ثم إن النضر بن الحارث، وعقبة بن أبى معيط ذهبا إلى أحبار اليهود، فسألاهم عنه- صلى الله عليه وسلم- فقالوا لهما: سلاه عن ثلاثة، فإن أخبركما بهن فهو نبى مرسل، وإن لم يفعل فهو متقول. سلاه عن فتية ذهبوا فى الدهر الأول، وعن رجل طواف، وعن الروح ما هو؟

فقال لهم- عليه السّلام-: «أخبركم غدا» ، ولم يقل إن شاء الله تعالى، فلبث الوحى أياما، ثم نزل قوله تعالى: وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً (٢٣) إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ «٢» وأنزل الله تعالى ذكر الفتية الذين ذهبوا، وهم أصحاب الكهف، وذكر الرجل الطواف. وهو ذو القرنين. وقال فيما سألوه عن الروح وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي «٣» الآية.

وفى البخارى من حديث عبد الله بن مسعود قال: «بينا أنا مع النبى صلى الله عليه وسلم- فى حرث، وهو متكىء على عسيب، إذ مر اليهود، فقال بعضهم لبعض: سلوه عن الروح، قالوا: ما رابكم إليه، وقال بعضهم: لا يستقبلكم بشىء تكرهونه، فقالوا: سلوه، فسألوه عن الروح، فأمسك النبى- صلى الله عليه وسلم- فلم يرد عليهم شيئا، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامى فلما نزل الوحى قال: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي «٤» «٥» .


(١) انظر «السيرة النبوية» لابن هشام (١/ ٣١٣) .
(٢) سورة الكهف: ٢٣، ٢٤.
(٣) سورة الإسراء: ٨٥.
(٤) سورة الإسراء: ٨٥.
(٥) صحيح: أخرجه البخارى (١٢٥) فى العلم، باب: قول الله تعالى: وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا، ومسلم (٢٧٩٤) فى صفة القيامة، باب: سؤال اليهود النبى- صلى الله عليه وسلم- عن الروح.