للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عاتقه «١» . رواه مسلم وغيره. قال النووى: وهذا يدل لمذهب الشافعى- رحمه الله- ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبى والصبية وغيرهما من الحيوان فى صلاة الفرض والنفل للإمام والمأموم والمنفرد. وحمله أصحاب مالك- رحمه الله- على النافلة، ومنعوا جواز ذلك فى الفريضة.

وهذا التأويل فاسد، لأن قوله: «يؤم الناس» صريح أو كالصريح فى أنه كان فى الفرض. وادعى بعض المالكية أنه منسوخ، وبعضهم أنه خاص به- صلى الله عليه وسلم-، وبعضهم أنه كان لضرورة، وكلها مردودة ولا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح فى جواز ذلك، وليس فيه ما يخالف الشرع، لأن الآدمى طاهر، وما فى جوفه من النجاسة معفو عنها لكونه فى معدته، وثياب الأطفال وأجسادهم محمولة على الطهارة، ودلائل الشرع متظاهرة على هذا، والأفعال فى الصلاة لا تبطلها إذا قلّت أو تفرقت، وفعله- صلى الله عليه وسلم- للجواز، وتنبيها على هذه القواعد التى ذكرتها.

وهذا يرد ما ادعاه أبو سليمان الخطابى: أن هذا الفعل يشبه أن يكون بغير تعمد لحملها فى الصلاة، لكنها كانت تتعلق به- صلى الله عليه وسلم- فلم يدفعها، فإذا قام بقيت معه، قال: ولا يتوهم أنه حملها ووضعها مرة بعد أخرى، لأنه عمل كثير، ويشغل القلب، وإذا كان علم الخميصة شغله «٢» فكيف لا يشغله هذا؟

هذا كلام الخطابى، وهو باطل، ودعوى مجردة، ومما يرده قوله فى صحيح مسلم: «فإذا قام حملها، وإذا رفع من السجود أعادها» وقوله فى رواية غير مسلم: «خرج حاملا أمامة وصلى» وذكر الحديث. وأما قصة


(١) صحيح: أخرجه مسلم (٥٤٣) فى المساجد، باب: جواز حمل الصبيان فى الصلاة، وهو فى الصحيحين أيضا بلفظ: كان يصلى وهو حامل أمامة، ورواية «يؤم» عند مسلم كما ذكرنا.
(٢) صحيح: وحديث الخميصة أخرجه البخارى (٣٧٣) فى الصلاة، باب: إذا صلى فى ثوب له أعلام، ومسلم (٥٥٦) فى المساجد، باب: كراهة الصلاة فى ثوب له أعلام، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.