للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن بطال: معرفة حقيقة الروح مما استأثر الله بعلمه بدليل هذا الخبر.

قال: والحكمة فى إبهامه: اختبار الخلق، ليعرفهم عجزهم عن علم ما لا يدركونه حتى يضطرهم إلى رد العلم إليه.

وقال القرطبى: الحكمة فى ذلك إظهار عجز المرء، لأنه إذا لم يعلم حقيقة نفسه مع القطع بوجوده، كان عجزه عن إدراك حقيقة الحق من باب أولى.

وقال بعضهم: ليس فى الآية دلالة على أن الله لم يطلع نبيه- صلى الله عليه وسلم- على حقيقة الروح بل يحتمل أن يكون أطلعه الله ولم يأمره أن يطلعهم. وقد قالوا فى علم الساعة نحو هذا والله أعلم. انتهى.

ولما كثر المسلمون، وظهر الإيمان، أقبل كفار قريش على من آمن يعذبونهم ويؤذونهم ليردوهم عن دينهم.

حتى إنه مر عدو الله، أبو جهل، بسمية أم عمار بن ياسر، وهى تعذب فطعنها بحربة فى فرجها فقتلها.

وكان أبو بكر الصديق- رضى الله عنه- إذا مر بأحد من العبيد يعذب اشتراه منهم وأعتقه، منهم بلال وعامر بن فهيرة.

وعن أبى ذر: كان أول من أظهر الإسلام سبعة: رسول الله- صلى الله عليه وسلم-، وأبو بكر وعمار وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد. فأما رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فمنعه الله بعمه أبى طالب، وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه، وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم أدراع الحديد وصهروهم فى الشمس، وإن بلالا هانت عليه نفسه فى الله عز وجل، وهان على قومه، فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به فى شعاب مكة، وهو يقول: أحد أحد «١» . رواه أحمد فى مسنده.


(١) حسن: أخرجه ابن ماجه (١٥٠) فى المقدمة، باب: فضل سلمان وأبى ذر والمقداد، وأحمد فى «مسنده» (١/ ٤٠٤) ، وابن حبان فى «صحيحه» (٧٠٨٣) ، والحاكم فى «مستدركه» (٣/ ٣٢٠) ، من حديث ابن سعد- رضى الله عنه-، وليس أبو ذر كما ذكر المصنف، والحديث حسنه الشيخ الألبانى فى «صحيح سنن ابن ماجه» .