للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأزهرى. وفرق بعضهم- فيما حكاه القاضى عياض- بين السهو والنسيان من حيث المعنى، وزعم أن السهو جائز فى الصلاة على الأنبياء، - عليهم الصلاة والسلام-، بخلاف النسيان، قال: لأن النسيان غفلة وآفة، والسهو إنما هو شغل، فكان النبى- صلى الله عليه وسلم- يسهو فى الصلاة ولا يغافل عنها، وكان يشغله عن حركات الصلاة ما هو فى الصلاة شغلا بها لا غفلة عنها، انتهى.

قال ابن كيكلدى: وهو ضعيف من جهة الحديث ومن جهة اللغة، أما من جهة الحديث فلما ثبت فى الصحيحين من قوله- صلى الله عليه وسلم-: «إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون» «١» ، وأما من جهة اللغة فقول الأزهرى الماضى، ونحوه قول الجوهرى وغيره.

وقال فى النهاية: السهو فى الشئ: تركه من غير علم، والسهو عنه:

تركه مع العلم، وهو فرق حسن دقيق، وبه يظهر الفرق بين السهو الذى وقع من النبى- صلى الله عليه وسلم- غير مرة، والسهو عن الصلاة الذى ذم الله فاعله.

وقد كان سهوه- صلى الله عليه وسلم- من إتمام نعم الله تعالى على أمته، وإكمال دينهم ليقتدوا به فيما يشرعه لهم عند السهو، وهذا معنى الحديث المنقطع الذى فى الموطأ- الآتى التنبيه عليه إن شاء الله تعالى- إنما أنسى أو أنسى لأسن «٢» ، فكان- صلى الله عليه وسلم- ينسى فيترتب على سهوه أحكام شرعية تجرى على سهو أمته إلى يوم القيامة. واختلف فى حكمه: فقال الشافعية والمالكية:

مسنون كله، وعن المالكية قول آخر: السجود للنقص واجب دون الزيادة.

وعن الحنابلة: التفصيل بين الواجبات، فيجب لتركها سهوا، وبين السنن القولية فلا يجب، وكذا يجب إذا سها بزيادة فعل أو قول يبطل عمده.


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٤٠١) فى الصلاة، باب التوجه نحو القبلة حيث كان، ومسلم (٥٧٢) فى المساجد، باب: السهو فى الصلاة والسجود له.
(٢) أخرجه مالك فى الموطأ (٢٢٥) فى السهو، باب: العمل فى السهو.