وفى هذا: مشروعية سجود السهو، وأنه سجدتان. فلو اقتصر على سجدة واحدة ساهيا لم يلزمه شئ، أو عامدا بطلت صلاته لأنه تعمد الإتيان بسجدة زائدة ليست مشروعة. وأنه يكبر لهما كما يكبر فى غيرهما من السجود. واستدل به على أن سجود السهو قبل السلام، ولا حجة فيه، فى كون جميعه كذلك، نعم يرد على من زعم أن جميعه بعد السلام كالحنفية.
واستدل به أيضا على أن المأمون يسجد مع الإمام إذا سها الإمام، وإن لم يسه المأموم.
وأن سجود السهود لا تشهد بعده، وأن محله آخر الصلاة، فلو سجد للسهو قبل أن يتشهد ساهيا أعاد عند من يوجب التشهد الأخير وهم الجمهور. وفيه أن من سها عن التشهد الأول حتى قام إلى الركعة، ثم ذكر لا يرجع، فقد سبحوا به- صلى الله عليه وسلم- كما فى رواية ابن خزيمة- فلم يرجع، فلو تعمد المصلى الرجوع بعد تلبسه بالركن بطلت صلاته عند الشافعى.
عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال: صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الظهر أو العصر، فسلم من ركعتين، فقال له ذو اليدين: الصلاة يا رسول الله أنقصت؟ فقال النبى- صلى الله عليه وسلم- لأصحابه:«أحق ما يقول هذا؟» قالوا: نعم.
فصلى ركعتين أخراوين ثم سجد سجدتين. قال سعد: ورأيت عروة بن الزبير صلى من المغرب ركعتين فسلم وتكلم ثم صلى ما بقى منها، وسجد سجدتين وقال: هكذا فعل النبى- صلى الله عليه وسلم-. رواه البخارى. وقوله:«صلى بنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم-» ظاهر فى أن أبا هريرة حضر القصة.
وحمله الطحاوى على المجاز، فقال المراد به: صلى بالمسلمين. وسبب ذلك قول الزهرى: إن صاحب القصة استشهد ببدر، فإن مقتضاه أن تكون القصة وقعت قبل بدر وقبل إسلام أبى هريرة بأكثر من خمس سنين. لكن اتفق أئمة الحديث- كما نقله ابن عبد البر وغيره- على أن الزهرى وهم فى ذلك، وسببه أنه جعل القصة لذى الشمالين، وذو الشمالين هو الذى قتل ببدر، وهو خزاعى، واسمه عمير، وأما ذو اليدين فتأخر بعد النبى- صلى الله عليه وسلم-