للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن قد ورد فى التشهد فى سجود السهو عن ابن مسعود عند أبى داود والنسائى، وعن المغيرة عند البيهقى، وفى إسنادهما ضعف. فقد يقال إن الأحاديث الثلاثة فى التشهد باجتماعها ترتقى إلى درجة الحسن، قال العلائى: وليس ذلك ببعيد، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله. أخرجه ابن أبى شيبة. انتهى ملخصا من فتح البارى.

وفى رواية أبى سفيان عن أبى هريرة عند مسلم: صلى لنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- صلاة العصر، فسلم فى ركعتين، فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: «كل ذلك لم يكن» ، فقال: قد كان بعض ذلك يا رسول الله.

وفى رواية أبى داود من طريق حماد بن زيد عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن أبى هريرة فى هذا الحديث قال: فكبر ثم كبر وسجد للسهو.

وهذا يؤيد من قال لا بد من تكبيرة الإحرام فى سجود السهو بعد السلام، والجمهور على الاكتفاء بتكبيرة السجود، وهو ظاهر غالب الأحاديث.

وقال أبو داود: لم يقل أحد: «كبر ثم كبر» إلا حماد بن زيد، فأشار إلى شذوذ هذه الزيادة. ويحتمل أن تكون الخشبة المذكورة فى هذا الحديث الجذع الذى كان- صلى الله عليه وسلم- يستند إليه قبل اتخاذ المنبر. وإنما وقع الاستفهام «هل قصرت الصلاة؟» لأن الزمان كان زمان النسخ.

وقوله: فقال: «لم أنس ولم تقصر» صريح فى نفى النسيان ونفى القصر. وفيه تفسير للمراد بقوله فى رواية أبى سفيان المتقدمة «كل ذلك لم يكن» ، وتأييد لما قاله أصحابه المعانى بأن لفظة «كل» إذا تقدمت وعقبها النفى كان نفيا لكل فرد لا للمجموع، بخلاف ما إذا تأخرت، كأن يقول: لم يكن كل ذلك، ولهذا أجاب ذو اليدين فى رواية أبى سفيان بقوله: قد كان بعض ذلك، وأجابه فى هذه الرواية بقوله: «بلى قد نسيت» لأنه لما نفى الأمرين وكان مقررا عند الصحابة أن السهو غير جائز عليه فى الأمور البلاغية جزم بوقوع النسيان لا القصر.