وبهذا يجاب من قال: إن من أخبر بأمر حسى بحضرة جمع لا يخفى عليهم ولا يجوز عليهم التواطؤ، ولا حامل لهم على السكوت، ثم لم يكذبوه أنه لا يقطع بصدقه، فإن سبب عدم القطع كون خبره معارضا باعتقاد المسئول خلاف ما أخبر به.
وفيه: أن الثقة إذا انفرد بزيادة خبر وكان المجلس متحدا، وامتنع فى العادة غفلتهم عن ذلك أنه لا يقبل خبره.
وفيه: جواز البناء على الصلاة لمن أتى بالمنافى سهوا. وقال سحنون:
إنما يا بنى من سلم من ركعتين كما فى قصة ذى اليدين، لأن ذلك وقع على غير القياس، فيقتصر فيه على مورد النص. وألزم بقصر ذلك على إحدى صلاتى العشى، فيمنعه مثلا فى الصبح، والذين قالوا بجواز البناء مطلقا قيدوه بما إذا لم يطل الفصل.
وفيه: أن الكلام سهوا لا يقطع الصلاة، خلافا للحنفية، واستدل به على أن تعمد الكلام لمصلحة الصلاة لا يبطلها.
وتعقب: بأنه- صلى الله عليه وسلم- لم يتكلم إلا ناسيا، وأما قول ذى اليدين له:
«بلى قد نسيت» وقول الصحابة له: «صدق ذو اليدين» فإنهم تكلموا معتقدين للنسخ فى وقت يمكن وقوعه، فتكلموا ظنّا أنهم ليسوا فى صلاة. كذا قيل، وهو فاسد، لأنهم تكلموا بعد قوله- صلى الله عليه وسلم-: «لم تقصر» .
وأجيب: بأنهم لم ينطقوا، وإنما أومؤوا، كما عند أبى داود فى رواية ساق مسلم إسنادها، وهذا اعتمده الخطابى، وقال: حمل القول على الإشارة مجاز سائغ، بخلاف عكسه، فينبغى رد الروايات التى فيها التصريح بالقول إلى هذه الرواية، وهو قوى، أقوى من قول غيره: يحمل على أن بعضهم قال بالنطق وبعضهم قال بالإشارة. لكن يقول قول ذى اليدين:«بلى قد نسيت» .
ويجاب عنه وعن البقية على تقدير ترجيح أنهم نطقوا: بأن كلامهم كان