للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالجلوس. ولأن الذى نقل عنه الجلوس، وهو معاوية، كان معذورا، فعند ابن أبى شيبة من طريق الشعبى: أن معاوية إنما خطب قاعدا لما كثر شحم بطنه «١» . واستدل الشافعى لوجوب الجلوس بين الخطبتين بما تقدم، وبمواظبة النبى- صلى الله عليه وسلم- على ذلك، مع قوله: صلوا كما رأيتمونى أصلى.

وكان- صلى الله عليه وسلم- يقول بعد الثناء: «أما بعد» «٢» كما قاله البخارى.

وكان- صلى الله عليه وسلم- إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته واشتد غضبه، حتى كأنه منذر جيش يقول: «صبحكم ومساكم» ويقول: «بعثت وأنا والساعة كهاتين» ، ويقرن بين أصبعيه السبابة والوسطى، ويقول: «أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدى هدى محمد- صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة» ثم يقول: «أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، من ترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فإلىّ وعلىّ» «٣» . رواه مسلم والنسائى من حديث جابر.

وفى رواية: كانت خطبته- صلى الله عليه وسلم- يوم الجمعة: يحمد الله ويثنى عليه، ثم يقول على أثر ذلك، وقد علا صوته، وذكر نحوه «٤» .


(١) أخرجه ابن أبى شيبة فى مصنفه (٥١٩٣) ، من كان يخطب قائما قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن الشعبى قال: إنما خطب معاوية قاعدا حيث كثر شحم بطنه ولحمه، وله بنحوه عن طاووس، وذكره الهيثمى فى المجمع (٢، ١٨٧) فى باب الخطبة قائما والجلوس بين الخطبتين، قال: وعن موسى بن طلحة قال: شهدت عثمان يخطب على المنبر قائما وشهدت معاوية يخطب قاعدا فقال: أما إنى لم أجهل السنة ولكنى كبرت سنّى، ورقّ عظمى، وكثرت حوائجكم، فأردت أن أقضى بعض حوائجكم قاعدا ثم أقوم فاخذ نصيبى من السنة رواه الطبرانى فى الكبير وفيه قيس بن الربيع وقد وثقه شعبة والثورى وضعفه غيرهما.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (٩٢٣) فى الجمعة، باب: من قال فى الخطبة بعد الثناء أما بعد، من حديث عمرو بن تغلب- رضى الله عنه-، وفى باب: قول الإمام فى خطبة الكسوف أما بعد من حديث أسماء- رضى الله عنها-.
(٣) صحيح: أخرجه مسلم (٨٦٧) فى الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، وابن ماجه (٤٥) فى المقدمة، باب: اجتناب البدع والجدل من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنهما-.
(٤) صحيح: تقدم فى الذى قبله.