للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعن عمرو أن النبى- صلى الله عليه وسلم- خطب يوما فقال: «ألا إن الدنيا عرض حاضر، يأكل منها البر والفاجر، ألا وإن الآخرة أجل صادق يقضى فيها ملك قادر، ألا وإن الخير كله بحذافيره فى الجنة، ألا وإن الشر كله بحذافيره فى النار، ألا فاعملوا وأنتم من الله على حذر، واعلموا أنكم معروضون على أعمالكم، فمن يعمل مثقال ذره خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرّا يره» .

رواه الشافعى، وعند أبى نعيم فى الحلية نحوه.

واختلف: هل يجب الإنصات، ويمنع من جميع أنواع الكلام حال الخطبة، أم لا. وعن الشافعى فى المسألة قولان مشهوران، وبناهما بعض الأصحاب على الخلاف فى أن الخطبتين بدل عن الركعتين أم لا؟ فعلى الأول يحرم، لا على الثانى، والثانى هو الأرجح عندهم، فمن ثم أطلق من أطلق منهم إباحة الكلام، حتى شنع من شنع عليهم من المخالفين. وعن أحمد أيضا روايتان. وعنهما أيضا: التفرقة بين من يسمع الخطبة وبين من لا يسمعها. وأغرب ابن عبد البر فنقل الإجماع على وجوب الإنصات على من سمعهما إلا عن قليل من التابعين.

ودخل سليك الغطفانى، وهو- صلى الله عليه وسلم- يخطب، فقال له- صلى الله عليه وسلم-:

«صليت؟» قال: لا، قال: «قم فاركع ركعتين» «١» . رواه البخارى ومسلم وأبو داود. واستدل به على أن الخطبة لا تمنع الداخل من صلاة تحية المسجد.

وتعقب: بأنها واقعة عين لا عموم لها، فيحتمل اختصاصها بسليك، ويدل عليه قوله فى حديث أبى سعيد- عند أهل السنن-: جاء رجل- والنبى- صلى الله عليه وسلم- يخطب- فى هيئة بذة، فقال له: «أصليت؟» قال: لا، قال: «صل


(١) صحيح: أخرجه البخارى (٩٣٠) فى الجمعة، باب: إذا رأى الإمام رجلا جاء وهو يخطب أمره أن يصلى، ومسلم (٨٧٥) فى الجمعة، باب: التحية والإمام يخطب. من حديث جابر بن عبد الله، وليس فيه اسم الرجل الذى دخل، قال النووى فى الإشارات: قال الخطيب: الرجل: سليك الغطفانى، وقيل: النعمان بن قوقل.