للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للأمر بالإنصات والاستماع للخطبة. وقد أجاب الحافظ ابن حجر عن ذلك وغيره من أدلة المانعين بما يطول ذكره، ثم قال: وهذه الأجوبة التى قدمناها تندفع من أصلها بعموم قوله- صلى الله عليه وسلم- فى حديث أبى قتادة: «إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلى ركعتين» «١» متفق عليه. قال: وورد أخص منه فى حال الخطبة، ففى رواية شعبة عن عمرو بن دينار قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- وهو يخطب: «إذا جاء أحدكم والإمام يخطب، أو قد خرج فليصل ركعتين» «٢» متفق عليه.

ولمسلم من طريق أبى سفيان عن جابر أنه قال ذلك فى قصة سليك ولفظه بعد قوله: «فاركعهما وتجوز» ثم قال: «إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما» «٣» . قال النووى: هذا نص لا يتطرق إليه التأويل، ولا أظن عالما يبلغه هذا اللفظ ويعتقده صحيحا فيخالفه. وقال العارف أبو محمد بن أبى جمرة: هذا الذى أخرجه مسلم نص فى الباب لا يحتمل التأويل. انتهى.

وقد قال قوم: إنما أمره- صلى الله عليه وسلم- بسنة الجمعة التى قبلها ومستندهم قوله- صلى الله عليه وسلم- فى قصة سليك- عند ابن ماجه- «أصليت ركعتين قبل أن تجئ؟» لأن ظاهره: قبل أن تجئ من البيت، ولهذا قال الأوزاعى: إن كان صلى فى البيت قبل أن يجئ فلا يصلى إذا دخل المسجد.

وتعقب: بأن المانع من صلاة التحية لا يجيز التنفل حال الخطبة مطلقا، ويحتمل أن يكون معنى قوله: «قبل أن تجئ» أى إلى الموضع الذى أنت فيه


(١) صحيح: أخرجه البخارى (١١٦٧) فى الجمعة، باب: ما جاء فى التطوع مثنى مثنى، ومسلم (٧١٤) فى صلاة المسافرين، باب: استحباب تحية المسجد بركعتين وكراهة الجلوس قبل صلاتهما وأنها مشروعة فى جميع الأوقات من حديث أبى قتادة بن ربعى الأنصارى- رضى الله عنه-.
(٢) صحيح: أخرجه البخارى (١١٧٠) فى الجمعة، باب: ما جاء فى التطوع مثنى مثنى، ومسلم (٨٧٥) فى الجمعة، باب: التحية والإمام يخطب، من حديث جابر بن عبد الله- رضى الله عنه-.
(٣) تقدم فى الذى قبله.