للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأيضا: فقد روى البخارى فى صحيحه أنه- صلى الله عليه وسلم- قرأ سورة النجم وسجد، وسجد المسلمون والمشركون والإنس والجن، وليس فيه حديث الغرانيق، بل روى هذا الحديث من طرق كثيرة، وليس فيها ألبتة حديث الغرانيق.

ولا شك أن من جوز على الرسول تعظيم الأوثان فقد كفر، لأن من المعلوم بالضرورة أن أعظم سعيه كان فى نفى الأوثان، ولو جوزنا ذلك ارتفع الأمان عن شرعه، وجوزنا فى كل واحد من الأحكام والشرائع أن يكون كذلك. ويبطل قوله تعالى: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ «١» . فإنه لا فرق فى الفعل بين النقصان فى الوحى وبين الزيادة فيه.

فبهذه الوجوه، عرفنا على سبيل الإجمال أن هذه القصة موضوعة. وقد قيل: إن هذه القصة من وضع الزنادقة لا أصل لها. انتهى.

وليس كذلك. بل لها أصل.

فقد خرجها: ابن أبى حاتم، والطبرى، وابن المنذر، من طرق عن شعبة، عن ابن بشر، عن سعيد بن جبير.

وكذا ابن مردويه، والبزار، وابن إسحاق فى السيرة، وموسى بن عقبة فى المغازى، وأبو معشر فى السيرة.

كما نبه عليه الحافظ عماد الدين بن كثير وغيره، لكن قال: إن طرقها كلها مرسلة وأنه لم يرها مسندة من وجه صحيح «٢» . وهذا متعقب بما سيأتى:

وكذا نبه على ثبوت أصلها شيخ الإسلام الحافظ أبو الفضل العسقلانى فقال: أخرج ابن أبى حاتم والطبرى وابن المنذر من طرق عن شعبة عن أبى


(١) سورة المائدة: ٦٧.
(٢) قاله فى «تفسيره» (٣/ ٢٣٠) .