للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ختم السورة «سجد- صلى الله عليه وسلم- وسجد معه المشركون» «١» لتوهمهم أنه ذكر آلهتهم بخير، وفشا ذلك فى الناس، وأظهره الشيطان حتى بلغ أرض الحبشة، ومن بها من المسلمين، عثمان بن مظعون وأصحابه.

وتحدثوا أن أهل مكة قد أسلموا كلهم، وصلوا معه- صلى الله عليه وسلم-، وقد أمن المسلمون بمكة، فأقبلوا سراعا من الحبشة.

والغرانيق فى الأصل: الذكور من طير الماء واحدها: غرنوق وغرنيق، سمى به لبياضه. وقيل: هو الكركى.

والغرنوق أيضا: الشاب الأبيض الناعم.

وكانوا يزعمون أن الأصنام تقربهم من الله، وتشفع لهم، فشبهت بالطيور التى تعلوا فى السماء وترتفع.

ولما تبين للمشركين عدم ذلك، رجعوا إلى أشد ما كانوا عليه.

وقد تكلم القاضى عياض- رحمه الله- فى «الشفاء» على هذه القصة وتوهين أصلها بما يشفى ويكفى، لكن تعقب فى بعضه كما سيأتى- إن شاء الله تعالى-.

وقال الإمام فخر الدين الرازى- مما لخصته من تفسيره- هذه القصة باطلة موضوعة، لا يجوز القول بها. قال الله تعالى: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى «٢» . وقال الله تعالى: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى «٣» .

وقال البيهقى: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، ثم أخذ يتكلم فى أن رواة هذه القصة مطعونون.


(١) ضعيف جدّا: وقد قال الحافظ ابن كثير فى «تفسيره» (٣/ ٢٣٠) : طرقه كلها مرسلة، ولم أرها مسندة من وجه صحيح، والله أعلم، ا. هـ. وكذا انظر كلام الحافظ ابن حجر فى «الفتح» (٨/ ٤٣٩) ، وقد ذكره المصنف بعد قليل على طوله.
(٢) سورة النجم: ٣، ٤.
(٣) سورة الأعلى: ٦.